- قصيدة: صريع جفنيك ينفي عنهما التهما
- قصيدة: لقد لامني يا هند في الحب لائم
- قصيدة: بي مثل ما بك يا قمرية الوادي
- قصيدة: السحر من سود العيون لقيته
- قصيدة: أذعن للحسن عصي العنان
- قصيدة: أداري العيون الفاترات السواجيا
- قصيدة: لك أن تلوم ولي من الأعذار
- قصيدة: يا ناعما رقدت جفونه
- قصيدة: من صور السحر المبين عيونا
- قصيدة: في ذي الجفون صوارم الأقدار
- قصيدة: بدأ الطيف بالجميل وزارا
- قصيدة: مقادير من جفنيك حولن حاليا
- قصيدة: يا حسنه بين الحسان
- قصيدة: شغلته أشغال عن الآرام
يُعدّ أمير الشعراء أحمد شوقي أحد أعظم شعراء العربية على مرّ العصور، تميز شعره بغزارة المعاني، وجمال الأسلوب، وسلاسة اللغة، وتنوع الموضوعات. ومن بين أجمل ما كتبه شوقي قصائده في الحب والغزل، التي عبّر فيها عن مشاعر الحب والعشق بأسلوب فريد، مزج بين الرومانسية والوصف الدقيق والتشبيهات الرائعة.
تنوعت مشاعر الحب والغزل في شعر شوقي، فعبّر عن الحب العذري، والحبّ العاطفي، والغزل الصريح، كما عبّر عن مشاعر الهجر والفراق، والشوق والحنين. وفي هذا المقال، سنعرض بعض أجمل قصائد أحمد شوقي في الحب والغزل:
قصيدة: صريع جفنيك ينفي عنهما التهما
صريعُ جفنيكِ ينفي عنهُما التُهَما
فما رُميتُ ولكن القضاء رمى
اللَهَ في روح صَبٍّ يَغشيان بها
مَوارِدَ الحتفِ لم ينقل لها قدما
وَكَفَّ عَن قَلبِهِ المَعمودِ نَبلَهُما
أَليس عهدُك فيه حبَّةً وَدَما؟
سلوا غزالاً غزا قلبي بحاجبه
أَما كفى السَيفُ حتى جرَّد القلما؟
واستخبِروه: إلى كم نارُ جَفْوَتِه؟
أَما كفى ما جنت نارُ الخدودِ أَما؟
واستوهبوه يداً في العُمر واحدةً
ومَهِّدا عُذْرَه عني إِذا حرما
ولا ترَوْا منه ظُلماً أَن يُضيِّعني
من ضيَّع العرَضَ المملوكَ ما ظلما
اقرأ أيضًا: غزل في العيون - أبيات شعر قصيرة عن العيون.
قصيدة: لقد لامني يا هند في الحب لائم
لقد لامني يا هندُ في الحب لائمٌ
مُحِبٌّ إذا عُدَّ الصِّحابُ حبيبُ
فما هو بالواشي على مذهب الهوى
ولا هو في شَرع الوداد مُريب
وصفتُ له مَن أَنتِ، ثم جرى لنا
حديثٌ يَهُمُّ العاشقين عجيب
وقلت له: صبراً؛ فكلُّ أَخي هَوى
على يَدِ مَنْ يهْوى غداً سيتوب
قصيدة: بي مثل ما بك يا قمرية الوادي
بي مثلُ ما بكِ يا قمريَّةَ الوادي
ناديتُ ليلى، فقومي في الدُّجى نادي
وأرسلي الشَّجوَ أسجاعاً مفصَّلةً
أَو رَدّدِي من وراءِ الأَيْكِ إنشادي
لا تكتمي الوجدَ، فالجرحانِ من شجنٍ
ولا الصبابةَ، فالدمعان من وادِ
تذكري: هل تلاقينا على ظمإٍ؟
وكيف بلَّ الصَّدى ذو الغلَّةِ الصادي
وأَنتِ في مجلِسِ الرَّيحان لاهيةٌ
ما سِرْتِ من سامرٍ إلا إلى نادي
تذكري قبلةً في الشَّعرِ حائرةً
أضلَّها فمشتْ في فرقكِ الهادي
وقُبلةً فوقَ خدٍّ ناعمٍ عَطِرٍ
أَبهى من الوردِ في ظلِّ النّدَى الغادي
تذكري منظرَ الوادي، ومجلسنا
على الغديرِ، كعُصفورَيْنِ في الوادي
والغُصنُ يحنو علينا رِقَّةً وجَوىً
والماءُ في قدمينا رائحٌ غادِ
تذكري نعماتٍ هَهُنا وهنا
من لحنِ شاديةٍ في الدَّوحِ أَو شادي
تذكري موعداً جادَ الزمان به
هل طِرتُ شوقاً؟ وهل سابقتُ مِيعادي؟
فنلتُ ما نلتُ من سُؤلٍ، ومن أملٍ
ورحتُ لم أحصِ أفراحي وأعيادي؟
اقرأ أيضًا: شعر غزل قصير.
قصيدة: السحر من سود العيون لقيته
السِحرُ مِن سودِ العُيونِ لَقيتُهُ
وَالبابِلِيُّ بِلَحظِهِنَّ سُقيتُهُ
الفاتِراتِ وَما فَتَرنَ رِمايَةً
بِمُسَدَّدٍ بَينَ الضُلوعِ مَبيتُهُ
الناعِساتِ الموقِظاتِ لِلهَوى
المُغرِياتِ بِهِ وَكُنتُ سَليتُهُ
القاتِلاتِ بِعابِثٍ في جَفنِهِ
ثَمِلُ الغِرارِ مُعَربَدٌ إِصليتُهُ
الشارِعاتِ الهُدبَ أَمثالَ القَنا
يُحيِ الطَعينَ بِنَظرَةٍ وَيُميتُهُ
الناسِجاتِ عَلى سَواءِ سُطورِهِ
سَقَماً عَلى مُنوالِهِنَّ كُسيتُهُ
وَأَغَنَّ أَكحَلَ مِن مَها بِكَفَّيهِ
عَلِقَت مَحاجِرُهُ دَمي وَعَلِقتُهُ
لُبنانُ دارَتُهُ وَفيهِ كِناسُهُ
بَينَ القَنا الخَطّارِ خُطَّ نَحَيتُهُ
السَلسَبيلُ مِنَ الجَداوِلِ وَردُهُ
وَالآسُ مِن خُضرِ الخَمائِلِ قوتُهُ
إِن قُلتُ تِمثالَ الجَمالِ مُنَصَّباً
قالَ الجَمالُ بِراحَتَيَّ مَثَلتُهُ
دَخَلَ الكَنيسَةَ فَاِرتَقَبتُ فَلَم يُطِل
فَأَتَيتُ دونَ طَريقِهِ فَزَحَمتُهُ
فَاِزوَرَّ غَضباناً وَأَعرَضَ نافِراً
حالٌ مِنَ الغيدِ المِلاحِ عَرَفتُهُ
فَصَرَفتُ تِلعابي إِلى أَترابِهِ
وَزَعَمتُهُنَّ لُبانَتي فَأَغَرتُهُ
فَمَشى إِلَيَّ وَلَيسَ أول جُؤذَرٍ
وَقَعَت عَلَيهِ حَبائِلي فَقَنَصتُهُ
قَد جاءَ مِن سِحرِ الجُفونِ فَصادَني
وَأَتَيتُ مِن سِحرِ البَيانِ فَسُدتُهُ
لَمّا ظَفَرتُ بِهِ عَلى حَرَمِ الهُدى
لِاِبنِ البَتولِ وَلِلصَلاةِ وَهبتُهُ
قالَت تَرى نَجمَ البَيانِ فَقُلتُ بَل
أُفقُ البَيانِ بِأَرضِكُم يَمَّمتُهُ
بَلِّغِ السُها بِشُموسِهِ وَبُدورِهِ
لُبنانُ وَاِنتَظَمَ المَشارِقَ صيتُهُ
مِن كُلِّ عالي القَدرِ مِن أَعلامِهِ
تَتَهَلَّلُ الفُصحى إِذا سُمّيتُهُ
حامي الحَقيقَةِ لا القَديمَ يَؤودُهُ
حِفظاً وَلا طَلَبُ الجَديدِ يَفوتُهُ
وَعَلى المَشيدِ الفَخمِ مِن آثارِهِ
خُلقٌ يُبينُ جَلالُهُ وَثُبوتُهُ
في كُلِّ رابِيَةٍ وَكُلِّ قَرارَةٍ
تِبرُ القَرائِحِ في التُرابِ لَمَحتُهُ
أَقبَلتُ أَبكي العِلمَ حَولَ رُسومِهِم
ثُمَّ اِنثَنَيتُ إِلى البَيانِ بَكَيتُهُ
لُبنانُ وَالخُلدُ اِختِراعُ اللَهِ لَم
يوسَمَ بِأَزيَنَ مِنهُما مَلَكوتُهُ
هُوَ ذِروَةٌ في الحُسنِ غَيرُ مَرومَةٍ
وَذَرا البَراعَةِ وَالحِجى بَيروتُهُ
مَلِكُ الهِضابِ الشُمِّ سُلطانُ الرُبى
هامُ السَحابِ عُروشُهُ وَتُخوتُهُ
سيناءُ شاطَرَهُ الجَلالَ فَلا يُرى
إِلّا لَهُ سُبُحاتُهُ وَسُموتُهُ
وَالأَبلَقُ الفَردُ اِنتَهَت أَوصافُهُ
في السُؤدُدِ العالي لَهُ وَنُعوتُهُ
جَبَلٌ عَن آذارَ يُزرى صَيفُهُ
وَشِتائُهُ يَئِدِ القُرى جَبَروتُهُ
أَبهى مِنَ الوَشِيِ الكَريمِ مِروجُهُ
وَأَلَذُّ مِن عَطَلِ النُحورِ مُروتُهُ
يَغشى رَوابيهِ عَلى كافورِها
مِسكُ الوِهادِ فَتيقُهُ وَفَتيتُهُ
وَكَأَنَّ أَيّامَ الشَبابِ رُبوعُهُ
وَكَأَنَّ أَحلامَ الكِعابِ بُيوتُهُ
وَكَأَنَّ رَيعانَ الصِبا رَيحانُهُ
سِرَّ السُرورِ يَجودُهُ وَيَقوتُهُ
وَكَأَنَّ أَثداءَ النَواهِدِ تينُهُ
وَكَأَنَّ أَقراطَ الوَلائِدِ توتُهُ
وَكَأَنَّ هَمسَ القاعِ في أُذُنِ الصَفا
صَوتُ العِتابِ ظُهورُهُ وَخُفوتُهُ
وَكَأَنَّ ماءَهُما وَجَرسَ لُجَينِهِ
وَضحُ العَروسِ تَبينُهُ وَتُصيتُهُ
زُعَماءُ لُبنانَ وَأَهلَ نَدِيِّهِ
لُبنانُ في ناديكُمو عَظَمتُهُ
قَد زادَني إِقبالُكُم وَقُبولُكُم
شَرَفاً عَلى الشَرَفِ الَّذي أَولَيتُهُ
تاجُ النِيابَةِ في رَفيعِ رُؤوسِكُم
لَم يُشرَ لُؤلُؤُهُ وَلا ياقوتُهُ
موسى عَدُوُّ الرِقِّ حَولَ لِوائِكُم
لا الظُلمُ يُرهِبُهُ وَلا طاغوتُهُ
أَنتُم وَصاحِبُكُم إِذا أَصبَحتُموا
كَالشَهرِ أَكمَلَ عُدَّةً مَوقوتُهُ
هُوَ غُرَّةُ الأَيّامِ فيهِ وَكُلُّكُم
آحادُهُ في فَضلِها وَسُبوتُهُ
قصيدة: أذعن للحسن عصي العنان
أذعنَ للحسن عصيُّ العنانْ
وحاولتْ عيناك أمراً فكان
يعيش جفناك لبَثِّ المُنى
أو الأسى في قلب راجٍ وعان
يا مُسرفاً في التيهِ ما ينتهي
أخافُ أن يفنى علينا الزمان
ويا كثيرَ الدَّلّ في عزه
لا تنس لي عزِّي قُبَيْلَ الهَوان
ويا شديد العجبِ، مهلاً؛ فما
مِنْ مُنكرٍ أَنك زينُ الحِسان
قصيدة: أداري العيون الفاترات السواجيا
أُداري العُيونَ الفاتِراتِ السَواجِيا
وَأَشكو إِلَيها كَيدَ إِنسانِها لِيا
قَتَلنَ وَمَنَّينَ القَتيلَ بِأَلسُنٍ
مِنَ السِحرِ يُبدِلنَ المَنايا أَمانِيا
وَكَلَّمنَ بِالأَلحاظِ مَرضى كَليلَةٍ
فَكانَت صِحاحاً في القُلوبِ مَواضِيا
حَبَبتُكِ ذاتَ الخالِ وَالحُبُّ حالَةٌ
إِذا عَرَضَت لِلمَرءِ لَم يَدرِ ماهِيا
وَإِنَّكِ دُنيا القَلبِ مَهما غَدَرتِهِ
أَتى لَكِ مَملوءً مِنَ الوَجدِ وافِيا
صُدودُكِ فيهِ لَيسَ يَألوهُ جارِحاً
وَلَفظُكِ لا يَنفَكُّ لِلجُرحِ آسِيا
وَبَينَ الهَوى وَالعَذلِ لِلقَلبِ مَوقِفٌ
كَخالِكِ بَينَ السَيفِ وَالنارِ ثاوِيا
وَبَينَ المُنى وَاليَأسِ لِلصَبرِ هِزَّةٌ
كَخَصرِكِ بَينَ النَهدِ وَالرِدفِ واهِيا
وَعَرَّضَ بي قَومي يَقولونَ قَد غَوى
عَدِمتُ عَذولي فيكِ إِن كُنتُ غاوِيا
يَرومونَ سُلواناً لِقَلبي يُريحُهُ
وَمَن لي بِالسُلوانِ أَشريهِ غالِيا
وَما العِشقُ إِلّا لَذَّةٌ ثُمَّ شِقوَةٌ
كَما شَقِيَ المَخمورُ بِالسُكرِ صاحِيا
اقرأ أيضًا: أحلى شعر حب.
قصيدة: لك أن تلوم ولي من الأعذار
لَكَ أَن تَلومَ وَلي مِنَ الأَعذارِ
أَنَّ الهَوى قَدَرٌ مِنَ الأَقدارِ
ما كُنتُ أَسلَمُ لِلعُيونِ سَلامَتي
وَأُبيحُ حادِثَةَ الغَرامِ وَقاري
وَطَرٌ تَعَلَّقَهُ الفُؤادُ وَيَنقَضي
وَالنَفسُ ماضِيَةٌ مَعَ الأَوطارِ
يا قَلبُ، شَأنَكَ، لا أَمُدُّكَ في الهَوى
أَبَداً، وَلا أَدعوكَ لِلإِقصارِ
أَمري وَأَمرُكَ في الهَوى بِيَدِ الهَوى
لَو أَنَّهُ بِيَدي فَكَكتُ إِساري
جارِ الشَبيبَةَ، وَاِنتَفِع بِجِوارِها
قَبلَ المَشيبِ، فَما لَهُ مِن جارِ
مَثَلُ الحَياةِ تُحَبُّ في عَهدِ الصِبا
مَثَلُ الرِياضِ تُحَبُّ في آذارِ
أَبَداً فروقُ مِنَ البِلادِ هِيَ المُنى
وَمُنايَ مِنها ظَبيَةٌ بِسِوارِ
مَمنوعَةٌ إِلّا الجَمالَ بِأَسرِهِ
مَحجوبَةٌ إِلّا عَنِ الأَنظارِ
خُطُواتُها التَقوى، فَلا مَزهُوَّةٌ
تَمشي الدَلالَ، وَلا بِذاتِ نِفارِ
مَرَّت بِنا فَوقَ الخَليجِ، فَأَسفَرَت
عَن جَنَّةٍ، وَتَلَفَّتَت عَن نارِ
في نِسوَةٍ يورِدنَ مَن شِئنَ الهَوى
نَظَراً، وَلا يَنظُرنَ في الإِصدارِ
عارَضتُهُنَّ، وَبَينَ قَلبِيَ وَالهَوى
أَمرٌ أُحاوِلُ كَتمَهُ وَأُداري
قصيدة: يا ناعما رقدت جفونه
يا ناعماً رقدت جُفونُه
مُضناكَ لا تهدا شُجونُه
حملَ الهوى لك كلَّه
إِن لم تُعنْه فَمَنْ يُعِينُه؟
عُدْ مُنْعِماً، أَو لا تَعُدْ
أَوْدَعْتَ سرَّكَ مَنْ يصُونُه
بيني وبينكَ في الهوى
سببٌ سيجمعُنا مَتينه
رشأٌ يُعابُ الساحرون
وسحرُهم، إِلّا جُفونُه
الروحُ مِلْكُ يمينه
يَفدِيه ما مَلَكَت يَمِينه
ما البان إِلّا قدُّه
لو تَيَّمَتْ قلباً غصونُه
ويزينُ كلَّ يتيمة
فمُه، وتحسبُهَا تَزينُه
ما العمرُ إِلّا ليلةٌ
كان الصباحَ لها جَبينُه
بات الغرامُ يَديننا
فيها كما بتنا ندينه
بين الرقيب وبيننا
وادٍ تُباعدُه حُزونُه
نَغْتابُه ونقول: لا
بَقِي الرقيبُ ولا عيونُه
قصيدة: من صور السحر المبين عيونا
مَن صَوَّرَ السِحرَ المُبينَ عُيوناً
وَأَحَلَّهُ حَدَقاً لها وَجُفونا
نَظَرَت فَحُلتُ بِجانِبي، فَاِستَهدَفَت
كَبِدي، وَكانَ فُوادِيَ المَغبونا
وَرَمَت بِسَهمٍ جالَ فيهِ جَولَةً
حَتّى اِستَقَرَّ، فَرَنَّ فيهِ رَنينا
فَلَمَستُ صَدري موجِساً وَمُرَوَّعاً
وَلَمَستُ جَنبي مُشفِقاً وَضَنينا
يا قَلبُ، إِنَّ مِنَ البَواتِرِ أَعيُناً
سوداً، وَإِنَّ مِنَ الجَآذِرِ عينا
لا تَأخُذَنَّ مِنَ الأُمورِ بِظاهِرٍ
إِنَّ الظَواهِرَ تَخدَعُ الرائينا
فَلَكَم رَجَعتُ مِنَ الأَسِنَّةِ سالِماً
وَصَدَرتُ عَن هيفِ القُدودِ طَعينا
وَخَميلَةٍ فَوقَ الجَزيرَةِ مَسَّها
ذَهَبُ الأَصيلِ حَواشِياً وَمُتونا
كَالتِبرِ أُفقاً، وَالزَبَرجَدِ رَبوَةً
وَالمِسكِ تُرباً وَاللُجَينِ مَعينا
وَقَفَ الحَيا مِن دونِها مُستَأذِناً
وَمَشى النَسيمُ بِظِلِّها مَأذونا
وَجَرى عَلَيها النيلُ يَقذِفُ فَضَّةً
نَثراً وَيَكسِرُ مَرمَراً مَسنونا
يُغري جَوارِيَهُ بِها، فَيَجِئنَها
وَيُغيرُهُنَّ بِها، فَيَستَعلينا
راعَ الظَلامُ بِها أَوانِسَ تَرتَمي
مِثلَ الظِباءِ مِنَ الرُبى يَهوينا
عِفنَ الذُيولِ مِنَ الحَريرِ وَغَيرِهِ
وَسَحَبنَ ثَمَّ الآسَ وَالنَسرينا
عارَضتُهُنَّ وَلي فُؤادٌ عُرضَةٌ
لِهَوى الجَآذِرِ دانَ فيهِ وَدينا
فَنَظَرنَ لا يَدرينَ: أَذهَبُ يَسرَةً
فَيَحِدنَ عَنّي، أَم أَميلُ يَمينا
وَنَفَرنَ مِن حَولي وَبَينَ حَبائِلي
كَالسِربِ صادَفَ في الرَواحِ كَمينا
فَجَمَعتُهُنَّ إِلى الحَديثِ بَدَأتُهُ
فَغَضِبنَ، ثُمَّ أَعَدتُهُ فَرَضينا
وَسَمِعتُ مَن أَهوى تَقولُ لِتُربِها:
أَحرى بِأَحمَدَ أَن يَكونَ رَزينا
قالَت: أَراهُ عِندَ غايَةِ وَجدِهِ
فَلَعَلَّ لَيلى تَرحَمُ المَجنونا
قصيدة: في ذي الجفون صوارم الأقدار
في ذي الجفونِ صوارمُ الأَقدار
راعي البريّةَ يا رَعاكِ الباري
وكفى الحياةُ لنا حوادثَ، فافتني
مَلأَ النجومِ وعَالَمَ الأَقمار
ما أَنتِ في هذي الحلى إنْسِيَّة
إن أنت إلا الشمسُ في الأنوار
زهراء بالأفق الذي من دونه
وثْبُ النُّهى، وتطَاوُلُ الأَفكار
تهتك الألباب خلف حجابها
مهما طلعتِ، فكيف بالأبصار؟
يا زينة الإصباح والإمساء، بل
يا رَوْنَقَ الآصال والأَسحار
ماذا تحاول من تنائينا النوى؟
أَنتِ الدُّنى وأَنا الخيالُ الساري
ألقى الضحى ألقاك، ثم من الدجى
سبل إليك خفية الأغوار
وإذا أنستُ بوحدتي فلأنها
سببي إليك، وسلمي، ومناري
إيهٍ زماني في الهوى وزمانها
ما كنتما إلا النَّميرَ الجاري
مُتسَلْسلاً بين الصبابة والصِّبا
ومترقرقاً بمسارح الأقدار
اقرأ أيضًا: أجمل أشعار الغزل البدوي.
قصيدة: بدأ الطيف بالجميل وزارا
بَدَأَ الطَيفُ بِالجَميلِ وَزارا
يا رَسولَ الرِضى وُقيتَ العِثارا
خُذ مِنَ الجَفنِ وَالفُؤادِ سَبيلاً
وَتَيَمَّم مِنَ السُوَيداءِ دارا
أَنتَ إِن بِتَّ في الجُفونِ فَأَهلٌ
عادَةُ النورِ يُنزِلُ الأَبصارا
زارَ، وَالحَربُ بَينَ جَفني وَنَومي
قَد أَعَدَّ الدُجى لَها أَوزارا
حَسَنٌ يا خَيالُ صُنْعُكَ عِندي
أَجمَلُ الصُنعِ ما يُصيبُ اِفتِقارا
ما لِرَبِّ الجَمالِ جارَ عَلى القَلبِ
كَأَن لَم يَكُن لَهُ القَلبُ جارا
وَأَرى القَلبَ كُلَّما ساءَ يَجزيهِ
عَنِ الذَنبِ رِقَّةً وَاِعتِذارا
أَجَريحُ الغَرامِ يَطلُبُ عَطفاً
وَجَريحُ الأَنامِ يَطلُبُ ثارا؟
أَيُّها العاذِلونَ، نِمتُم، وَرامَ
السُّهدُ مِن مُقلتيَّ أَمراً، فَصارا
آفَةُ النُّصحِ أَن يَكونَ لَجاجاً
وَأَذى النُصحِ أَن يكون جِهارا
ساءَلتني عن النَهارِ جُفوني
رحِمَ اللَهُ يا جُفوني النَهارا
قلن: نَبكيه؟ قلت: هاتي دُموعاً
قلن: صَبراً، فقلت: هاتي اِصطِبارا
يا لياليَّ، لم أَجِدْكِ طِوالاً
بعد ليلي، ولم أَجِدْكِ قِصارا
إِن مَنْ يحملُ الخُطوبَ كِباراً
لا يُبالي بحملهن صِغارا
لم نُفِقْ منك يا زمانُ فنشكو
مُدْمنُ الخمر لا يُحِس الخُمارا
فاصرِف الكأسَ مُشفِقاً، أَو فَواصِل
خرج الرشدُ عن أَكُفِّ السُّكارى
اقرأ أيضًا: شعر حب حزين.
قصيدة: مقادير من جفنيك حولن حاليا
مقاديرُ من جَفْنَيكِ حولْنَ حاليا
فذُقتُ الهوى من بعد ما كنتُ خاليا
نفذن عليَّ اللبَّ بالسهم مُرسَلاً
وبالسحرِ مَقضِيّاً، وبالسيف قاضيا
وأَلبَسْنَني ثوبَ الضنى فلبستُه
فأَحبب بِه ثوباً وإِن ضمَّ باليا
وما الحُبُّ إِلّا طاعةٌ وتجاوزٌ
وإِن أَكثروا أَوصافَه والمعانِيا
وما هو إِلا العينُ بالعين تلتقي
وإِن نوَّعوا أَسبابَه والدَّواعِيا
وعندي الهوى، موصوفُه لا صفاتُه
إِذا سأَلوني: ما الهوى؟ قلتُ ما بِيا
وبي رَشَأٌ قد كان دنيايَ حاضِراً
فغادَرَني أَشتاقُ دُنيايَ نائيا
سمحتُ برُوحي في هواه رخيصةً
ومَنْ يَهْوَ لا يُوثِر على الحُبِّ غاليا
ولم تَجرِ أَلفاظُ الوشاة بريبةٍ
كهذي التي يجري بِها الدَمعُ واشِيا
أَقول لمن وَدَّعتُ والركبُ سائرٌ:
برغم فؤادي سائرٌ بِفؤاديا
أَماناً لقلبي من جفونِكِ في الهوى
كفى بالهوى كأساً، وراحاً، وَساقيا
ولا تجعِليه بين خدَّيكِ والنوى
من الظلم أَن يغدو لنارَينِ صالِيا
ولم يَندمل من طعنة القَدِّ جُرحُه
فرفقاً بِه من طعنة البين داميا
قصيدة: يا حسنه بين الحسان
يا حسنَه بين الحِسانْ
في شكله إِن قيل: بانْ
كالبدرِ تأخذه العيونُ
وما لهنَّ بِه يَدان
مَلك الجوانحَ والفوادَ
ففي يديه الخافقان
ومُنايَ منه نظرةٌ
فعسى يُشير الحاجبان
فعَسى يُزَكّي حُسْنَه
مَنْ لا لَه في الحُسن ثان
فدعوه يَعدِلُ أَو يَجورُ
فإِنه مَلكَ العِنان
حَقَّ الدلالُ لمن له
في كل جارحة مكان
قصيدة: شغلته أشغال عن الآرام
شغلته أشغالٌ عن الآرام
وقضى اللُّبانةَ من هوُّى وغرامِ
ومَضَى يجرُّ على الهوى أَذيالَه
ويلومُ حاملَه مع اللُّوَّام
ويذُمُّ عهدَ الغانياتِ كناقِهٍ
بعد الشِفاءِ يذمُّ عهدَ سَقام
لا تعجلَنَّ وفي الشباب بقيَّةٌ
إن الشبابَ مَزَلَّة الأَحلام
كانت أنابتُك المُرِيبة سَلْوة
نسجَتْ على جُرحٍ بجنبك دامي
إن الذي جعل القلوب أعِنَّةً
قاد الشبيبةَ للهوى بزِمام
يا قلبَ أَحمدَ والسهامُ شديدةٌ
ماذا لقِيتَ من الغزال الرامي؟
تَدْري، وتسأَلني تجاهلَ عارفٍ:
أَرَنَا بعينٍ أَم رمَى بسهام؟
ما زلتَ تركَبُ كلَّ صعبٍ في الهوى
حتى ركِبْتَ إلى هواك حِمامي
وإذا القلوبُ استرسلت في غَيِّها
كانت بليَّتُها على الأجسام
ختاماً: لا شكّ أنّ قصائد أحمد شوقي في الحبّ والغزل تُعدّ من أروع ما قيل في هذا المجال، فهي تُمثّل رحلةً عبر ينابيع العاطفة الإنسانية، وتُجسّد مشاعر الحبّ والهيام والرّغبة والفراق بأسلوبٍ شعريّ فريدٍ لا مثيل له.