- شعر حزين عن موت الأحبة
- قصيدة: أزور قبرك والأشجان تمنعني
- قصيدة: إن الطبيب بطبه ودوائه
- قصيدة: أسلمني الأهل بطن الثرى
- قصيدة: يا عجبا للناس لو فكروا
- قصيدة: ما يدفع الموت أرصاد ولا حرس
- قصيدة: الموت ربع فناء لم يضع قدما
- قصيدة: وجدت الموت للحيوان داء
- قصيدة: لدوا للموت وابنوا للخراب
- قصيدة: إن يقرب الموت مني
- قصيدة: نداء الموت
- قصيدة: تباركت إن الموت فرض على الفتى
- قصيدة: لا تسقنا يا موت أكثر مما نستحق
- قصيدة: النفس تبكي على الدنيا وقد علمت
- قصيدة: إن كان لا بد من موت فما كلفي
الموت يأتي فجأة، دون سابق إنذار، فيخطف منا أحبتنا، ويُخلف وراءه جرحًا عميقًا لا يُشفى. ففقدان شخص عزيز على قلبنا يُخلف فراغًا كبيرًا لا يُمكن ملؤه، ويترك شعورًا بالحزن والأسى يرافقنا لفترة طويلة.
يُعد الموت من أكثر المواضيع التي شغلت شعراء العرب عبر العصور، حيث عبّروا عن مشاعرهم تجاهه بأبيات حزينة تُعبّر عن ألم الفقدان وحسرة الفراق. وفي هذا المقال، نُشارككم بعضًا من أجمل وأقوى أبيات الشعر الحزينة عن الموت:
شعر حزين عن موت الأحبة
كنت السواد لناظري
كُنتَ السَوادَ لِناظِري
فَبَكى عَلَيكَ الناظِرُ
مَن شاءَ بَعدَكَ فَليَمُت
فَعَلَيكَ كُنتُ أُحاذِرُ
يا قبور الأحباب هل من مجيب
يا قبور الأحباب هل من مجيب
إن دعاكم دمع الحزين ونادى
إن أقمتم تحت التراب رقوداً
فعليكم ما ذاق طرفي رقادا
ألا أيها الموت الذي ليس تاركي
أَلا أَيُّها المَوتُ الَّذي لَيسَ تارِكي
أَرِحني فَقَد أَفنَيتَ كُلَّ خَليلِ
أَراكَ مُضِراً بِالَّذينَ أَحبُّهُم
كَأَنَّكَ تَنحو نَحوَهُم بدَليلِ
أي دموع عليك لم تصب
أَيُّ دُموعٍ عَليكَ لَم تَصُبِ
وَأَيُّ قَلبٍ عَليكَ لَم يَجِبِ
في كُلِّ دارٍ تَعدو المَنونُ
وَمِن كُلِّ الثَنايا مَطالِعُ النُوَبِ
يَفوزُ بِالراحَةِ الفَقيدُ
وَلِلفاقِدِ طولُ العَناءِ وَالتَعَبِ
يَطيبُ نَفساً عَنّا وَواحِدُنا
إِن طَيّبَ القَلبَ عَنهُ لَم يَطِبِ
شيئان لو بكت الدماء عليهما
شَيئانِ لَو بَكَتِ الدِماءَ عَلَيهِما
عَينايَ حَتّى تَأذَنا بِذِهابِ
لَم تَبلُغِ المِعشارَ مِن حَقَّيهِما
فَقدُ الشَبابِ وَفُرقَةُ الأَحبابِ
أصبحت لا أشكو الخطوب وإنما
أصبحتُ لا أشكو الخطوبَ وإنَّما
أشكو زماناً لم يَدع لي مُشتكى
أفني أخِلاّئي وأهلَ مَودَّتي
وأبادَ إخوانَ الصّفاءِ وأهلَكا
عاشوا براحَتِهِم ومِتُّ لِفقدهم
فعليَّ يَبكي لا عَلَيهم مَن بَكى
وبقيتُ بعدَهُمُ كأنِّي حائِرٌ
بمَفازَةٍ لم يلقَ فيها مَسْلَكا
أولئك إخواني الذاهبون
أَولَئِكَ إِخوانِيَ الذاهِبونَ
فَحقَّ البُكاءُ لَهُم أَن يَطيبا
رُزِئتُ صَبيباً عَلى فاقَةٍ
وَفارَقتُ بَعدَ حَبيبٍ حَبيبا
أزور قبرك مشتاقا فيحجبني
أزورُ قبرَكَ مشتاقاً فيحجُبُني
ما هيلَ فوقَك من تُربٍ وأحْجارِ
فأنْثَنِي ودُموعي مِن جَوى كَبِدِي
تَفيضُ فاعجب لماءٍ فاضَ من نارِ
ذهب الذين عليهم وجدي
ذَهَبَ الَّذينَ عَلَيهِمُ وَجدي
وَبَقيتُ بَعدَ فِراقِهم وَحدي
مَن كانَ بَينَكَ في التُرابِ وَبَينَهُ
شِبرانِ فَهوَ بِغايَةِ البُعدِ
قصيدة: أزور قبرك والأشجان تمنعني
يقول أسامة بن منقذ:
أزورُ قبرَكَ والأشجانُ تمنعُني
أن أهتَدي لطريقي حينَ أنصرِفُ
فما أرى غيرَ أحجارٍ مُنضَّدَةٍ
قَد احتوتْك ومأْوَى الدُّرَّةِ الصَدَفُ
فأنثني لستُ أدري أين مُنقَلَبي
كأنني حائرٌ في اللّيلِ مُعتَسِفُ
إن قصَّر العمرُ بي عن أن أَرى خَلفاً
له ففي الأجرِ عند اللهِ لي خَلَفُ
أقولُ للنَّفْسِ إذ جد النِّزَاعُ بِها
يا نفسُ ويْحَكِ أينَ الأهلُ والسَّلَفُ
أَلَيسَ هذا سبيلَ الخلقِ أجمعِهِم
وكلُّهم بورودِ الموتِ مُعتَرِفُ
كم ذا التّأَسُفُ أم كم ذا الحنينُ وهل
يردُّ مَن قَد حَواهُ قبرُهُ الأَسَفُ
قصيدة: إن الطبيب بطبه ودوائه
يقول أبو العتاهية:
إِنَّ الطَبيبَ بِطِبِّهِ وَدَوائِهِ
لا يَستَطيعُ دِفاعَ مَكروهٍ أَتى
ما لِلطَبيبِ يَموتُ بِالداءِ الَّذي
قَد كانَ يُبرِئُ جُرحَهُ فيما مَضى
ذَهَبَ المُداوي وَالمُداوى وَالَّذي
جَلَبَ الدَواءَ وَباعَهُ وَمَنِ اِشتَرى
قصيدة: أسلمني الأهل بطن الثرى
أسلمني الأهل ببطن الثرى
وانصرفوا عني فيا وحشتا
وغادروني معدماً يائساً
ما بيدي اليوم إلا البكا
وكل ما كان كأن لم يكن
وكل ما حذرته قد أتى
وذا كم المجموع والمقتنى
قد صار في كفي مثل الهبا
ولم أجد لي مؤنساً ها هنا
غير فجور موبق أو بقا
فلو تراني وترى حالتي
بكيت لي يا صاح مما ترى
قصيدة: يا عجبا للناس لو فكروا
يقول أبو العتاهية:
يا عَجَباً لَلناسِ لَو فَكَروا
أَو حاسَبوا أَنفُسَهُم أَبصَروا
وَعَبَروا الدُنيا إِلى غَيرِها
فَإِنَّما الدُنيا لَهُم مَعبَرُ
وَالخَيرُ ما لَيسَ بِخافٍ هُوَ
المَعروفُ وَالشَرُّ هُوَ المُنكَرُ
وَالمَورِدُ المَوتُ وَما بَعدَهُ
الحَشرُ فَذاكَ المَورِدُ الأَكبَرُ
وَالمَصدَرُ النارُ أَوِ المَصدَرُ
الجَنَّةُ ما دونَهُما مَصدَرُ
لا فَخرَ إِلّا فَخرُ أَهلِ التُقى
غَداً إِذا ضَمَّهُمُ المَحشَرُ
لَيَعلَمَنَّ الناسُ أَنَّ التُقى
وَالبِرِّ كانا خَيرَ ما يُذخَرُ
ما أَحمَقَ الإِنسانَ في فَخرِهِ
وَهوَ غَداً في حُفرَةٍ يُقبَرُ
ما بالُ مَن أَوَّلُهُ نُطفَةٌ
وَجيفَةٌ آخِرُهُ يَفخَرُ
أَصبَحَ لا يَملِكُ تَقديمَ ما
يَرجو وَلا تَأخيرَ ما يَحذَرُ
وَأَصبَحَ الأَمرُ إِلى غَيرِهِ
في كُلِّ ما يُقضى وَما يُقدَرُ
قصيدة: ما يدفع الموت أرصاد ولا حرس
يقول أبو العتاهية:
ما يَدفَعُ المَوتَ أَرصادٌ وَلا حَرَسٌ
ما يَغلِبُ المَوتَ لا جِنٌّ وَلا أَنَسُ
ما إِن دَعا المَوتُ أَملاكاً وَلا سُوَقاً
إِلّا ثَناهُم إِلَيهِ الصَرعُ وَالخُلَسُ
لِلمَوتِ ما تَلِدُ الأَقوامُ كُلُّهُمُ
وَلِلبَلى كُلُّ ما بَنَوا وَما غَرَسوا
هَلّا أُبادِرُ هَذا المَوتَ في مَهَلٍ
هَلّا أُبادِرُهُ ما دامَ بي نَفَسُ
يا خائِفَ المَوتِ لَو أَمسَيتَ خائِفَهُ
كانَت دُموعُكَ طولَ الدَهرِ تَنبَجِسُ
أَما يَهولُكَ يَومٌ لا دِفاعَ لَهُ
إِذ أَنتَ في غَمَراتِ المَوتِ مُنغَمِسُ
أَما تَهولُكَ كَأسٌ أَنتَ شارِبُها
وَالعَقلُ مِنكَ لِكوبِ المَوتِ مُلتَبِسُ
إِيّاكَ إِيّاكَ وَالدُنيا وَلَذَّتَها
فَالمَوتُ فيها لِخَلقِ اللَهِ مُفتَرِسُ
إِنَّ الخَلائِقَ في الدُنيا لَوِ اِجتَهَدوا
أَن يَحبِسوا عَنكَ هَذا المَوتَ ما حَبَسوا
إِنَّ المَنِيَّةَ حَوضٌ أَنتَ تَكرَهُهُ
وَأَنتَ عَمّا قَليلِ فيهِ تَنغَمِسُ
ما لي رَأَيتُ بَني الدُنيا قَدِ اِفتَتَنوا
كَأَنَّما هَذِهِ الدُنيا لَهُم عُرُسُ
إِذا وَصَفتُ لَهُم دُنياهُمُ ضَحِكوا
وَإِن وَصَفتُ لَهُم أُخراهُمُ عَبَسوا
ما لي رَأَيتُ بَني الدُنيا وَإِخوَتَها
كَأَنَّهُم لِكِتابِ اللَهِ ما دَرَسوا
قصيدة: الموت ربع فناء لم يضع قدما
يقول أبو العلاء المعري:
المَوتُ رَبعُ فَناءٍ لَم يَضَع قَدَماً
فيهِ اِمرُؤٌ فَثَناها نَحوَ ما تَرَكا
وَالمُلكُ لِلَّهِ مَن يَظفَر بِنَيلِ غِنىً
يَردُدهُ قَسراً وَتَضمَن نَفسُهُ الدَرَكا
لَو كانَ لي أَو لِغَيري قَدرُ أُنمُلَةٍ
فَوقَ التُرابِ لَكانَ الأَمرُ مُشتَرَكا
وَلَو صَفا العَقلُ أَلقى الثِقلَ حامِلُه
عَنهُ وَلَم تَرَ في الهَيجاءِ مُعتَرِكا
إِنَّ الأَديمَ الَّذي أَلقاهُ صاحِبُهُ
يُرضي القَبيلَةَ في تَقسيمِهِ شُرُكا
دَعِ القَطاةَ فَإِن تُقدَر لِفيكَ تَبِت
إِلَيهِ تَسري ولَم تَنصِب لَها شَرَكا
وَلِلمَنايا سَعى الساعونَ مُذ خُلِقوا
فَلا تُبالي أَنَصَّ الرَكبُ أَم أَركا
وَالحَتفُ أَيسَرُ وَالأَرواحُ ناظِرَةٌ
طَلاقَها مِن حَليلٍ طالَما فُرِكا
وَالشَخصُ مِثلُ نَجيبٍ رامَ عَنبَرَةً
مِنَ المَنونِ فَلَمّا سافَها بَرَكا
قصيدة: وجدت الموت للحيوان داء
يقول أبو العلاء المعري:
وَجَدتُ المَوتَ لِلحَيوانِ داءً
وَكَيفَ أُعالِجُ الداءَ القَديما
وَما دُنياكَ إِلّا دارُ سوءٍ
وَلَستَ عَلى إِساءَتِها مُقيما
أَرى وَلَدَ الفَتى عِبئاً عَلَيهِ
لَقَد سَعِدَ الَّذي أَمسى عَقيما
أَما شاهَدتَ كُلَّ أَبي وَليدٍ
يَؤُمُ طَريقَ حَتفٍ مُستَقيما
فَإِمّا أَن يُرَيِّبَهُ عَدُوّاً
وَإِمّا أَن يُخَلِّفَهُ يَتيما
قصيدة: لدوا للموت وابنوا للخراب
يقول أبو العتاهية:
لِدوا لِلمَوتِ وَاِبنوا لِلخَرابِ
فَكُلُّكُمُ يَصيرُ إِلى ذَهابِ
لِمَن نَبني وَنَحنُ إِلى تُرابٍ
نَصيرُ كَما خُلِقنا مِن تُرابِ
أَلا يا مَوتُ لَم أَرَ مِنكَ بُدّاً
أَبيتَ فَلا تَحيفُ وَلا تُحابي
كَأَنَّكَ قَد هَجَمتَ عَلى مَشيبي
كَما هَجَمَ المَشيبُ عَلى شَبابي
وَيا دُنيايَ ما لي لا أَراني
أَسومُكِ مَنزِلاً إِلّا نَبا بي
أَلا وَأَراكَ تَبذُلُ يا زَماني
لي الدُنيا وَتَسرِعُ بِاِستِلابي
وَإِنَّكَ يا زَمانُ لَذو صُروفٍ
وَإِنَّكَ يا زَمانُ لَذو اِنقِلابِ
وَمالي لَستُ أَحلُبُ مِنكَ شَطراً
فَأَحمَدَ غِبَّ عاقِبَةِ الحِلابِ
وَمالي لا أُلِحُّ عَلَيكَ إِلّا
بَعَثتَ الهَمَّ لي مِن كُلِّ بابِ
أَراكَ وَإِن طُلِبتَ بِكُلِّ وَجهٍ
كَحُلمِ النَومِ أَو ظِلَّ السَحابِ
أَوِ الأَمسِ الَّذي وَلّى ذَهاباً
فَلَيسَ يَعودُ أَو لَمعِ السَرابِ
وَهَذا الخَلقُ مِنكَ عَلى وَفازٍ
وَأَرجُلُهُم جَميعاً في الرِكابِ
وَمَوعِدُ كُلِّ ذي عَمَلٍ وَسَعيٍ
بِما أَسدى غَداً دارُ الثَوابِ
تَقَلَّدتُ العِظامَ مِنَ الخَطايا
كَأَنّي قَد أَمِنتُ مِنَ العِقابِ
وَمَهما دَمتُ في الدُنيا حَريصاً
فَإِنّي لا أُوَفَّقُ لِلصَوابِ
سَأَسأَلُ عَن أُمورٍ كُنتُ فيها
فَما عُذري هُناكَ وَما جَوابي
بِأَيَّةِ حُجَّةٍ أَحتَجُّ يَومَ الحِسابِ
إِذا دُعيتُ إِلى الحِسابِ
هُما أَمرانِ يوضِحُ عَنهُما لي
كِتابي حينَ أَنظُرُ في كِتابي
فَإِمّا أَن أُخَلَّدَ في نَعيمٍ
وَإِمّا أَن أُخَلَّدَ في عَذابِ
قصيدة: إن يقرب الموت مني
يقول أبو العلاء المعري:
إِن يَقرُبُ المَوتُ مِنّي فَلَستُ أَكَرَهُ قُربَه
وَذاكَ أَمنَعُ حِصنٍ يُصَبِّرُ القَبرَ دَربَه
مَن يَلقَهُ لا يُراقَب خَطباً وَلا يَخشَ كُربَه
كَأَنَّني رَبُّ إِبلٍ أَضحى يُمارِسُ جُربَه
أَو ناشِطٌ يَتَبَغّى في مُقفَرِ الأَرضِ عِربَه
وَإِن رُدِدتُ لِأَصلي دُفِنتُ في شَرِّ تُربَه
وَالوَقتُ ما مَرَّ إِلّا وَحَلَّ في العُمرِ أُربَه
كُلٌّ يُحاذِرُ حَتفاً وَلَيسَ يَعدَمُ شُربَه
وَيَتَّقي الصارِمَ العَضبَ أَن يُباشِرَ غَربَه
وَالنَزعُ فَوقَ فِراشٍ أَشَقُّ مِن أَلفَ ضَربَه
وَاللُبُّ حارَبَ فينا طَبعاً يُكابِدُ حَربَه
يا ساكِنَ اللَحدِ عَرّفنِيَ الحِمامَ وَإِربَه
وَلا تَضِنَّ فَإِنّي ما لي بِذلِكَ دَربَه
يَكُرُّ في الناسِ كَالأَجدَلِ المُعاوِدِ سِربَه
أَو كَالمُعيرِ مِنَ العاسِلاتِ يَطرُقُ زَربَه
لا ذاتَ سِربٍ يُعَرّي الرَدى وَلا ذاتُ سُربَه
وَما أَظُنُّ المَنايا تَخطو كَواكِبَ جَربَه
سَتَأخُذُ النَسرَ وَالغَفرَ وَالسِماكَ وَتِربَه
فَتَّشنَ عَن كُلِّ نَفسٍ شَرقَ الفَضاءِ وَغَربَه
وَزُرنَ عَن غَيرِ بِرٍّ عُجمَ الأَنامِ وَعُربَه
ما وَمضَةٌ مِن عَقيقٍ إِلّا تَهَيِّجُ طَربَه
هَوىً تَعَبَّدَ حُرّاً فَما يُحاوِلُ هَربَه
مَن رامَني لَم يَجِدني إِنَّ المَنازِلَ غُربَه
كانَت مَفارِقُ جونٌ كَأَنَّها ريشُ غِربَه
ثُمَّ اِنجَلَت فَعَجِبنا لِلقارِ بَدَّلَ صِربَه
إِذا خَمِصتُ قَليلاً عَدَدتُ ذَلِكَ قُربَه
وَلَيسَ عِندِيَ مِن آلَةِ السُرى غَيرُ قِربَه
قصيدة: نداء الموت
يقول بدر شاكر السياب:
يمدُّون أعناقهم من ألوف القبور، يصيحون بي:
أنْ تعال
نداءٌ يشُقُّ العروقَ، يَهُزُّ المُشاش، يُبعثر قلبي رمادا
أصيل هنا مُشْعَل في الظلال
تعالَ اشتعل فيه حتى الزوال!
جدودي وآبائي الأولون سرابٌ على حد جَفْني تهادى،
وبي جَذوة من حريق الحياة تريد المحال،
وغيلان يدعو: أبي سرْ، فإني على الدرب ماشٍ أريد
الصباح!
وتدعو من القبر أمي: بُنيَّ احتضنِّي، فَبَرْدُ الرَّدى في عروقي،
فَدَفِّئْ عظامي بما قد كسوتُ ذراعيك والصدرَ، وَاحْمِ الجراح
جراحي بقلبك أو مقلتيكَ، ولا تحرفنَّ الخُطا عن طريقي!
ولا شيء إلا إلى الموت يدعو ويصرخ، فيما يزولْ،
خريف، شتاء، أصيل، أفولْ،
وباقٍ هو الليلُ بعد انطفاء البروقِ،
وباقٍ هو الموت، أبقى وأخلد مِن كل ما في الحياهْ
فيا قبرَها افتح ذراعيك..
إني لآتٍ بلا ضجَّةٍ، دون آه!
قصيدة: تباركت إن الموت فرض على الفتى
يقول أبو العلاء المعري:
تَبارَكتَ إِنَّ المَوتَ فَرضٌ عَلى الفَتى
وَلَو أَنَّهُ بَعضُ النُجومِ الَّتي تَسري
وَرُبَّ اِمرِئٍ كَالنَسرِ في العِزِّ وَالعُلا
هَوى بِسِنانٍ مِثلِ قادِمَةِ النَسرِ
وَهَوَّنَ ما نَلقى مِنَ البُؤسِ أَنَّنا
بَنو سَفَرٍ أَو عابِرونَ عَلى جِسرِ
وَما يَترُكُ الإِنسانُ دُنياهُ راضِياً
بِعِزٍّ وَلَكِن مُستَضاماً عَلى قَسرِ
وَما تَمنَعُ الآدابُ وَالمُلكُ سَيِّداً
كَقابوسَ في أَيّامِهِ وَفَنا خُسَرِ
مَتّى أَلقَ مِن بَعدِ المَنيَّةِ أُسرَتي
أُخَبِّرهُمُ أَنّي خَلصتُ مِنَ الأَسرِ
سَما نَفَرٌ ضَربَ المِئَتَينِ وَلَم أَزَل
بِحَمدِكَ مِثلَ الكَسرِ يُضرَبُ في الكَسرِ
قصيدة: لا تسقنا يا موت أكثر مما نستحق
يقول يوسف الديك:
لا تسقنا يا موت أكثر مما نستحق، من المرارة
واختلسنا.. فجأة في غفلة الجرح.. نياماً..!
لا تبتئس واستلّنا.. زيف الحياة هو الخسارة
كلما أحصيتنا يا موت لا تخطئ مصائرنا
وارجئ أحبتنا كي يرشفوا شهد الحياة
كما يريدون الحياة من الحياة.. حياتهم
لا تشفنا من حبّنا.. حتى انتزاع غلالة النزع الأخير
ما نفعها أيامنا.. حمراء في الدرب الإشارة..!
يا موت دع على الدرب الترابيّ الخطى.. آثارنا
بعض الغبار معلقاً.. والذكريات على الأصابع
رائحة المساء السرمديّ..
ولذة النفس الأخير.
والتمس فينا انكسارات النضارة.
***
نحن الذين إن ماتوا، استراحوا
نحن احتراق الذكريات، الأمنيات
من ماضٍ يحاصرنا، لخواء حاضرنا
كأنما.. نحن انتظار العاطلين عن الأمل
نحن الرواية والرواة
ونحن بين سطورها.. كنّا وما زلنا الضحايا.. والجناة
ميلادنا في موتنا
وحياتنا، بعد الحياة.
لا تسقنا يا موت أكثر ممّا نستطيع من الألم
واقرأ تفاصيل الرسالة كلّها..
حيث لا يجدي مع الخطأ.. الندم
ربّما كنّا خطيئة هذه الأيام
ربّما.. فوضى لزعزعة النظام
وربما.. خطراً على المنهاج..
والعهر في نهج السلام..!
قصيدة: النفس تبكي على الدنيا وقد علمت
يقول علي بن أبي طالب:
النَفسُ تَبكي عَلى الدُنيا وَقَد عَلِمَت
إِنَّ السَلامَةَ فيها تَركُ ما فيها
لا دارَ لِلمَرءِ بَعدَ المَوتِ يَسكُنُها
إِلّا الَّتي كانَ قَبلَ المَوتِ بانيها
فَإِن بَناها بِخَيرٍ طابَ مَسكَنُها
وَإِن بَناها بَشَرٍّ خابَ بانيها
أَينَ المُلوكُ الَّتي كانَت مُسَلطَنَةً
حَتّى سَقاها بِكَأسِ المَوتِ ساقيها
أَموالُنا لِذَوي الميراثِ نَجمَعُها
وَدورُنا لِخرابِ الدَهرِ نَبنيها
كَم مِن مَدائِنَ في الآفاقِ قَد بُنِيَت
أًمسَت خَراباً وَدانَ المَوتُ دانيها
لِكُلِّ نَفسٍ وَإِن كانَت عَلى وَجَلٍ
مِنَ المَنيَّةِ آمالٌ تُقَوّيها
فَالمَرءُ يَبسُطُها وَالدَهرُ يَقبُضُها
وَالنَفسُ تَنشُرُها وَالمَوتُ يَطويها
قصيدة: إن كان لا بد من موت فما كلفي
يقول أبو العتاهية:
إِن كانَ لا بُدَّ مِن مَوتٍ فَما كَلَفي
وَما عَنائي بِما يَدعو إِلى الكُلَفِ
لا شَيءَ لِلمَرءِ أَغنى مِن قَناعَتِهِ
وَلا اِمتِلاءَ لِعَينِ المُلتَهي الطَرِفِ
مَن فارَقَ القَصدَ لَم يَأمَن عَلَيهِ هَوىً
يَدعو إِلى البَغيِ وَالعُدوانِ وَالسَرَفِ
ما كُلُّ رَأيِ الفَتى يَدعو إِلى رَشَدٍ
إِذا بَدا لَكَ رَأيٌ مُشكِلٌ فَقِفِ
أَخَيَّ ما سَكَنَت ريحٌ وَلا عَصَفَت
إِلّا لِتُؤذِنَ بِالنُقصانِ وَالتَلَفِ
ما أَقرَبَ الحَينَ مِمَّن لَم يَزَل بَطِراً
وَلَم تَزَل نَفسُهُ توفي عَلى شَرَفِ
كَم مِن عَزيزٍ عَظيمِ الشَأنِ في جَدَثٍ
مُجَدَّلٍ بِتُرابِ الأَرضِ مُلتَحِفِ
لِلَّهِ أَهلُ قُبورٍ كُنتُ أَعهَدُهُم
أَهلَ القِبابِ الرُخامِيّاتِ وَالغُرَفِ
يا مَن تَشَرَّفَ بِالدُنيا وَزينَتِها
حَسبُ الفَتى بِتُقى الرَحمَنِ مِن شَرَفِ
وَالخَيرُ وَالشَرُّ في التَصويرُ بَينَهُما
لَو صُوِّرا لَكَ بَونٌ غَيرُ مُؤتَلِفِ
أُخَيَّ آخِ المُصَفّى ما اِستَطَعتَ وَلا
تَستَعذِبَنَّ مُؤاخاةَ الأَخِ النَطِفِ
ما يَحرُزُ المَرءُ مِن أَطرافِهِ طَرَفاً
إِلّا تَخَوَّنَهُ النُقصانُ مِن طَرَفِ
وَاللَهُ يَكفيكَ إِن أَنتَ اِعتَصَمتَ بِهِ
مَن يَصرِفِ اللَهُ عَنهُ السوءِ يَنصَرِفِ
الحَمدُ لِلَّهِ شُكراً لا شَريكَ لَهُ
ما نيلَ شَيءٌ بِمِثلِ اللَينِ وَاللَطَفِ