الجهل
الجهل، ذلك الظلام الذي يلف العقول ويحجب الرؤى، كان ولا يزال موضوعًا شغل بال الشعراء والفلاسفة على مر العصور. فقد رأوا فيه عائقًا كبيرًا أمام التقدم والازدهار، وتهديدًا مباشرًا للسعادة الإنسانية. ولعل أبلغ ما عبر عن هذا المعنى هو الشعر، ذلك الفن الذي يستطيع أن يختصر الأفكار المعقدة في كلمات قليلة، ويصل إلى أعماق النفس البشرية. في هذا المقال، سنتعرف على أبرز الأبيات الشعرية التي تناولت موضوع الجهل.
أبيات شعرية عن الجهل
تعددت الأبيات الشعرية التي تناولت موضوع الجهل، ولكل شاعر طريقته الخاصة في التعبير عن رؤيته لهذا الظلام الدامس. إليك بعض الأمثلة التي تعكس عمق هذا المعنى:
أبيات شعر عن الجهل
قال علي بن أبي طالب:
وَفي الجَهلِ قَبلَ المَوتِ مَوتٌ لِأَهلِهِ
وَأَجسادُهُم قَبلَ القُبورِ قُبورُ
وَإِنَّ اِمرَءاً لَم يُحيِ بِالعِلمِ مَيِّتٌ
وَلَيسَ لَهُ حَتّى النَشورِ نُشورُ
وقال أبو العلاء المعري:
ولما رأيتُ الجهلَ في الناسِ فاشياً
تجاهلْتُ حتى ظُنَّ أنّيَ جاهل
فوا عَجَبا كم يدّعي الفضْل ناقصٌ
ووا أسَفا كم يُظْهِرُ النّقصَ فاضل
وقال أيضًا:
قَد كثُرَت في الأَرضِ جُهّالُنا
وَالعاقِلُ الحازِمُ فينا غَريب
وَإِن يَكُن في مَوتِنا راحَةٌ
فَالفَرَجُ الوارِدُ مِنّا قَريب
وقال أيضًا:
رَدَدتُ إِلى مَليكِ الحَقِّ أَمري
فَلَم أَسأَل مَتى يَقَعُ الكُسوفُ
فَكَم سَلِمَ الجَهولُ مِنَ المَنايا
وَعوجِلَ بِالحِمامِ الفَيلَسوفُ
وقال المتنبي:
فَقرُ الجَهولِ بِلا عَقلٍ إِلى أَدَبٍ
فَقرُ الحِمارِ بِلا رَأسٍ إِلى رَسَنِ
لا يُعجِبَنَّ مَضيماً حُسنُ بِزَّتِهِ
وَهَل يَروقُ دَفيناً جَودَةُ الكَفَنِ
وقال دعبل الخزاعي:
الجَهلُ بَعدَ الأَربَعينَ قَبيحُ
فَزَعِ الفُؤادَ وَإِن ثَناهُ جُموحُ
وَبِعِ السَفاهَةَ بِالوَقارِ وَبِالنُهى
ثَمَنٌ لَعَمرُكَ إِن فَعَلتَ رَبيحُ
فَلَقَد حَدا بِكَ حادِيانِ إِلى البِلى
وَدَعاكَ داعٍ لِلرَحيلِ فَصيحُ
وقال صفي الدين الحلي:
إِنَّ الجَهولَ إِذا أُلزِمتُ صُحبَتَهُ
قَسراً فَصاحَبتُهُ عَن غَيرِ إيثارِ
يُطفي ضِياءَ سَنا فَهمي وَيُنقِصُهُ
كَالنارِ بِالماءِ أَو كَالماءِ بِالنارِ
وقال كعب بن زهير:
إذا أنت لم تُقصر عن الجهل والخنا
أصبت حليمًا أو أصابك جاهلُ
فأصبحت إما نال عرضك جاهل
سفيه وإما نلت ما لا تحاولُ
وليس لمن لم يركب الهول بُغية
وليس لرحل حطه الله حاملُ
وقال جميل الزهاوي:
يضع الإنسان جهل
يرفع الإنسان علم
والليالي لك في
أدوارها حرب وسلم
وقال أيضًا:
ألا إنَّ ليل الجهل أسودُ دامسُ
وإنَّ نهار العلم أبيضُ شامسُ
وللعلم أيام هي السعد كله
وأما ليالي الجهل فهي مناحس
وليس كمثل العلم للمال حافظٌ
وليس كمثل الجهل للمال طامس
وقال عامر بحيري:
إِن الجهالةَ ظلمةٌ تغشى الحِمى
وتحيلُ أحرارَ الرجالِ عبيدا
العلمُ نورُ اللّه في أكوانه
جعلَ المعلمَ بحرَه المورودا
وقال أحمد شوقي:
وَالجَهلُ حَظُّكَ إِن أَخَذتَ
العِلمَ مِن غَيرِ العَليمِ
وَلَرُبَّ تَعليمٍ سَرى
بِالنَشءِ كَالمَرَضِ المُنيمِ
وقال لخليل الفراهيدي:
لَو كُنتَ تَعلَمُ ما أَقولُ عَذَرتَني
أَو كُنتَ تَعلَمُ ما تَقولُ عَذَلتُكا
لِكِن جَهِلتَ مَقالَتي فَعَذَلتَني
وَعَلِمتُ أَنَّكَ جاهِلٌ فَعَذَرتُكا
وقال ابن دريد:
جَهِلتَ فَعادَيتَ العُلومَ وَأَهلَها
كَذاكَ يُعادي العِلمَ مَن هُوَ جاهِلُه
وَمَن كانَ يَهوى أَن يُرى مُتَصَدِّراً
وَيَكرَهُ لا أَدري أَصيبَت مَقاتِلُه
وقال أبو العباس الناشئ:
وإذا بُليتَ بجاهلٍ متحكّمٍ
يجدُ المحالَ من الأمور صوابا
أوليته منّي السكوتَ وربما
كان السكوتُ عن الجوابِ جوابا
اقرأ أيضًا: قصيدة عن العلم.
بيت شعر عن الجهل
قال أبو الفتح البستي:
إنَّ الجَهولَ تَضرُّني أخلاقه
ضررُ السُّعالِ بِمَنْ بهِ اسْتِسقاءُ
وقال معروف الرصافي:
إذا ما الجهل خيَّم في بلادٍ
رأيتَ أسودَها مُسِخت قرودا
وقال ابن المعتز:
وحلاوة الدنيا لجاهلها
ومرارة الدنيا لمن عقلا
وقال أبو العتاهية:
إِذا أَنتَ لَم تَطهُر مِنَ الجَهلِ وَالخَنا
فَلَستَ عَلى عَومِ الفُراتِ بِطاهِرِ
وقال أبو العلاء المعري:
أَراكَ الجَهلُ أَنَّكَ في نَعيمٍ
وَأَنتَ إِذا اِفتَكَرتَ بِسوءِ حالِ
وقال جميل الزهاوي:
للجهل حق رعاة الجهل تضمنه
له وللعلم حق غير مضمون
وقال البحتري:
ما قضى الله للجهول بستر
يتلافاه مثل حتف قاض
وقال عبد الغني النابلسي:
إياك والجهل فارغب في إزالته
لا بد يعثر من في ظلمه ساري
وقال زكي قنصل:
الجهل للأفكار قبر مظلم
يعمي العيون ويخنق الأعمال
اقرأ أيضًا: أبيات شعر قصيرة عن العلم والتعليم والمعلم.
شعر قصير عن الجهل والغباء
قال المتنبي:
وَمِنَ البَليَّةِ عَذلُ مَن لا يَرعَوي
عَن غَيِّهِ وَخِطابُ مَن لا يَفهَمُ
وقال أيضًا:
لكل داءٍ دواءٌ يُسْتَطَبُّ بهِ
إلاّ الحماقَةَ أَعيتْ من يُداويها
وقال واصل بن عطاء:
تحامقْ مع الحَمْقى إِذا ما لقيتهمْ
ولا تلقهمْ بالعقلِ إِن كنْتَ ذا عقلِ
فإِن الفتى ذا العقلِ يَشْقَى بعقلهِ
كما كان قبلَ اليومِ يشقى ذوو الجهلِ
وقال أبو العلاء المعري:
سُكوناً خِلتُ أَقدَمَ مِن حَراكٍ
فَكَيفَ بِقَولِنا حَدَثَ السُكونُ
وَما في الناسِ أَجهَلُ مِن غَبِيٍّ
يَدومَ لَهُ إِلى الدُنيا رُكونُ
مَنازِلُنا إِذا ما الطَيرُ صيدَت
فَما تَبكي مِنَ الأَسَفِ الوُكونُ
وَما كانَت نَوى فَنَذُمَّ بَيناً
وَلكِن بَعدَ أَيّامٍ تَكونُ
وقال الشيخ عبد الله السابوري:
تجنب الأحمق ذا الفضيحة
وإن بدت منه لك النصيحة
قرة عين الأحمق الحماقة
كل فتى ملائم أخلاقه
وقال أيضًا:
لا تأمن الأحمق في المغيب
وإن يكن من أقرب القريب
فشره إن كان عنك نائيا
نأى وإن تدنيه كان دانيا
وقال صالح عبد القدوس:
احذر الأحمق أن تصحبه
إنما الأحمق كالثوب الخلق
كلما رقعته من جانب
حركته الريح وهنا فانخرق
كحمار السوء إن أقضمته
رمح الناس وإن جاع نهق
وإذا جالسته في مجلس
أفسد المجلس منه بالخرق
وإذا عاتبته كي يرعوي
زاد جهلا وتمادى في الحمق
عجبا للناس في أرزاقهم
ذاك عطشان وهذا قد غرق
وقال احد الشعراء:
لن يسمع الأحمق من واعظ
في رفعه الصوت وفي همسه
لن تبلغ الأعداء من جاهل
ما يبلغ الجاهل من نفسه
والحمق داء ماله حيلة
ترجى كعبد النجم في لمسه
وقال آخر:
من لي بَعيْشِ الأغبياءِ فإنّهُ
لا عيشَ إلا عيشُ مَنْ لم يَعْلَمِ
شعر عن الجاهل والسفيه
قال الشافعي:
أَعرِض عَنِ الجاهِلِ السَفيهِ
فَكُلُّ ما قالَ فَهُوَ فيهِ
ما ضَرَّ بَحرَ الفُراتُ يَوماً
إِن خاضَ بَعضُ الكِلابِ فيهِ
وقال الشاعر القروي:
ذو الجهل لا ينفك مضطربا
لأقل شيء يفقد الصبرا
كل المصائب عنده كبرت
إلا مصيبة جهله الكبرى
شعر عن الجاهل قصير
قال علي بن أبي طالب:
فَلا تَصحَب أَخا الجَهلِ
وَإياكَ وَاِيّاهُ
فَكَم مِن جاهِلٍ أَردى
حَليماً حينَ آخاهُ
يُقاسُ المَرءُ بِالمَرءِ
إِذا ما هُوَ ما شاهُ
كَحَذو النَعلِ بِالنَعلِ
إِذا ما النَعلُ حاذاهُ
وَلِلقَلبِ عَلى القَلبِ
دَليلٌ حينَ يَلقاهُ
وَلِلشَيءِ مِن الشَيءِ
مَقاييسٌ وَأَشباهُ
وَفي العَينِ غِنىً لِلعَينِ
إِن تَنطِق وَأَفواهُ
وقال أبو الفتح البستي:
لا اُنْسَ إلاّ في مجالِسَ تلتقي
بفنائها الأشكالُ والنُّظَراءُ
فلْيَجْتَنِبْني كلُّ نَذلٍ جاهِل
ولْيَصْطنِعْني سادتي العُلماءُ
إنَّ الجَهولَ تَضرُّني أخلاقه
ضررُ السُّعالِ بِمَنْ بهِ اسْتِسقاءُ
وقال صالح بن عبد القدوس:
وإن عناء أن تفهم جاهلا
فيحسب جهلا أنه منك أعلم
وتشخص أبصار الرعاع تعجبا
إليه وقالوا إنه منك أفهم
وقال احد الشعراء:
وكم من جاهلٍ أمسى أديباً
بصحبةِ عالمٍ وغدا إماما
كماءِ البحرِ مُرٍّ ثم تحلو
مذاقتُهُ إذا صحبَ الغماما
وقال صفي الدين الحلي:
إِنّي لَأَعجَبُ مِن تَعَقُّلِ جاهِلٍ
أَمسى يَدُلُّ بِجاهِهِ وَبِوَفرِهِ
أَمسى يَشَحُّ بِمالِهِ وَبِزادِهِ
لَكِن يَجودُ بِعَرضِهِ وَبِذِكرِهِ
وَتَراهُ يَحسُبُ ما بَقي مِن مالِهِ
فَتراهُ يَعلَمُ ما بَقي مِن عُمرِه
وقال أيضًا:
إذا بُليَ اللّبيبُ بقُربِ فَدمٍ
تجرعَ منهُ كاساتِ الحتوفِ
فذو الطبعِ الكثيفِ بغيرِ قصدٍ
يُضِرّ بصاحبِ الطّبعِ اللّطيفِ
وذاكَ لأنّ بَينَهما اختِلافاً
ينافي العقلَ بالجهلِ العنيفِ
فداءُ الجهلِ ليسَ لهُ دواءٌ
كحُمّى الرّبعِ في فَصلِ الخَريفِ
وقال بهاء الدين زهير:
وَجاهِلٍ يَدَّعي في العِلمِ فَلسَفَةً
قَد راحَ يَكفُرُ بِالرَحمَنِ تَقليدا
وَقالَ أَعرِفُ مَعقولاً فَقُلتُ لَهُ
عَنَّيتَ نَفسَكَ مَعقوّلاً وَمَعقودا
مِن أَينَ أَنتَ وَهَذا الشَيءَ تَذكُرُهُ
أَراكَ تَقرَعُ باباً عَنكَ مَسدودا
فَقالَ إِنَّ كَلامي لَسَتَ تَفهَمَهُ
فَقُلتُ لَستُ سُلَيمانَ اِبنَ داوُدا
وقال الخليل الفراهيدي:
إِذا كُنتَ لا تَدري وَلَم تَكُ كَالَّذي
يُشاوِرُ مَن يَدري فَكَيفَ إِذاً تَدري
جَهِلتَ فَلَم تَعْلَم بِأَنَّكَ جاهِلٌ
وَأَنَّكَ لا تَدري بِأَنَّكَ لا تَدري
وَمِن أَعظَمِ البَلوى بِأَنَّكَ جاهِلٌ
فَمَن لي بِأَن تَدري بِأَنَّكِ لا تَدري
رُبَّ اِمرِىءٍ يَجري وَيَدري بَأَنَّهُ
إِذا كانَ لا يَدري جَهولٌ بِما يَجري