الصداقة الحقيقية
الصداقة الحقيقية هي واحدة من أجمل العلاقات الإنسانية. وهي كنز يجب علينا أن نحافظ عليه ونقدره. فالصديق الحقيقي هو الذي يجعل الحياة أجمل وأكثر معنى.
من منا لم يشعر يوماً بعمق معنى الصداقة الحقيقية؟ تلك الصلة التي تتجاوز حدود الزمان والمكان، والتي تظل ثابتة كالصخرة وسط متغيرات الحياة. في عالمنا السريع، حيث تتعدد العلاقات وتتلاشى بسهولة، تبرز قيمة الصداقة الصادقة التي تبقى ملاذاً آمناً للقلب والعقل. دعونا نستكشف معاً قصص تلهمنا بجمال الصداقة الحقيقية، وقيمة العطاء والتضحية التي تحملها في طياتها.
اقرأ أيضًا: قصص أطفال قبل النوم.
قصة مازن وعمار عن التسامح بين الأصدقاء
كان هناك صديقان يعيشان في قرية صغيرة يدعيان مازن وعمار، وكانا أصدقاء منذ الطفولة ويدرسان في إحدى الكليات مع بعضهما البعض، وكانت هذه الكلية بعيدة عن مكان إقامتهما، وكان عليهما عبور النهر والتلال والمرور فوق مناطق رملية ليتمكنا من الذهاب للكلية معا.
في إحدى الأيام الماطرة تعين على مازن وعمار المشي للكلية كالمعتاد، وفي طريقهما كانا يتناقشان حول ما أخذوه عن النظرية الذرية في الكلية.
واختلفا في وجهات نظرهما، مما أدى إلى حدوث نقاشات حادة بينهما حتى وصلت إلى استخدام اللغة السوقية البذيئة.
وفي نوبة غضب صفع مازن عمار، فانصدم عمار من صديقه وغضب وكتب على الرمال "اليوم أعز أصدقائي صفعني"، ثم أكمل كلا منهما المشي نحو الكلية بصمت.
أثناء طريقهما وصلا إلى النهر الذي كان يفيض وكان عليهما عبوره، سار عمار نحو النهر وهو يعلم بأنه لا يجيد السباحة، بدأ يغرق، ومع قوة تدفق المياه والفيضان شعر كأن النهر سيأخذه بلا رجعة.
رأى مازن صديقه يغرق ومن دون تفكير قفز في النهر لينقذه، واستطاع سحبه وساعده على استعادة أنفاسه بشكل طبيعي.
وعندما تعافى عمار ونهض كتب في طريقه إلى التل على صخرة: "اليوم أعز أصدقائي أنقذ حياتي". فتعجب مازن! وسأل صديقه: لماذا كتبت على الرمال عندما صفعتك؟ ولماذا كتبت على الصخرة عندما أنقذت حياتك؟
أجاب عمار: علينا يا صديقي أن ننسى الخطأ الذي يقوم به أحدنا للآخر، وأنا قمت بالكتابة على الرمل لأن الكلام سيمحى في أي وقت من الأوقات، ولكن إن فعل أي صديق لصديقه شيئًا جيدًا عليه أن يتذكر له ذلك ويكتبه على الحجارة ليبقى للأبد.
عندها احتضن مازن صديقة عمار وأكملا طريقهما إلى الكلية وكأن شيئًا لم يحدث.
"خير الأصدقاء من نسي ذنبك وذكر أجمل صفاتك"
اقرأ أيضًا: أجمل القصص القصيرة.
قصة الصديق الفقير والصديق الغني
يُحكى انه كان فيما مضى شاب ثري ثراء عظيماً، والده يعمل بتجارة الجواهر والأحجار الكريمة، وكان كريما مع أصدقائه وهم يجلونه ويحترمونه، مرت الأيام، وتغيرت الأحوال، فيموت والد ذلك الشاب وتفتقر الأسرة افتقاراً شديداً!
فذهب الشاب يبحث عن أصدقاء الماضي، فتذكر صديقاً كان أعزهم وأقربهم إليه مودة، وعلم أن هذا الصديق قد أصبح من الأثرياء!
فتوجه إليه آملا أن يجد عنده عملاً أو سبيلا لإصلاح الأحوال، قابله حرس القصر وأخبرهم بعلاقته الوطيدة مع صاحب القصر وصداقة المتينة، فأخبروا صديقه بذلك فنظر إليه من خلف الستار، فرأى شخصاً رث الثياب عليه آثار الفقر والفاقة، فقال للحرس: قولوا له ان صاحب القصر لا يمكنه استقبال أحد الآن!
فخرج الرجل والدهشة تعلوه من تصرف صديقه، متألماً على الصداقة كيف ماتت وعلى القيم الكريمة كيف نُسيت؟
خرج الرجل والدهشة تأخذ منه مأخذها، وما أصعبها من لحظة، خرج يتألم على الصداقة كيف ماتت وعلى القيم كيف تذهب بصاحبها بعيداً عن الوفاء، وتساءل عن الضمير كيف يمكن أن يموت وكيف للمروءة أن لا تجد سبيلها في نفوس البعض.. وإن المعروف قد لا يثمر حتى في أقرب الناس إليك.
عاد الرجل من حيث أتى، لا يدري ماذا يفعل ولا أين يتوجه، وبينما هو في الطريق إذا به يقابل ثلاثة من الرجال عليهم أثر الحيرة وكأنهم يبحثون عن شيء فقال لهم: ما أمرُ القوم؟
فرد متحدثهم قائلاً: نحن نبحث على رجل وذكروا اسم والده! فرد الشاب: هذا الرجل أبي وقد توفي قبل فترة! فذكروا والده بالخير وتأسفوا، وقالوا له إن والدك كان يعمل في تجارة المجوهرات والأحجار الكريمة، وله عندنا قطع نفيسة من المرجان كان قد تركها عندنا أمانة ونحن بدورنا اليوم نعيد الأمانة لك!
فأخرجوا كيساً مملوءاً مرجاناً وسلموه للشاب ومضوا في طريقهم! تسمر الشاب في مكانه والدهشة تعلوه وهو لا يصدق ما يرى ويسمع، وفكر في كيفية بيع هذا المرجان، فبلدته ليس فيها من يملك ثمن قطعة واحدة منها فكيف بكيس!
وبعد أيام من التجول في الأسواق صادف امرأة كبيرة في السن عليها آثار النعمة والثراء، وكانت تسأل عن رجل يبيع مجوهرات وأحجارا كريمة، فباعها ووعدته بالعودة لتشتري المزيد، وهكذا عادت تجارته تنشط يوما بعد يوم حتى عاد كما كان وأفضل.
وذات يوم تذكر صديقه صاحب القصر، وتذكر ما فعله معه، فكتب له في رسالة بيتين وبعث بها صديقاً لهما ليسلمها له يقول فيها:
صـحِـبتُ قـوماٌ لـئاماً لا وفـاء لـهم
يُـدعَون بـين الورى بالمكرِ والحيلِ
كـانوا يجلونني مذ كنتُ رب غنى
وحين أفلستُ عدُوني من الجهلِ
فلما قرأ ذلك الصديق هذه الأبيات فاضت عيناه بالدموع، ثم كتب على الورقة نفسها ثلاثة أبيات وبعث بها إليه، جاء فيها:
أمـا الـثلاثةُ قـد وافـوك من قِبَلي
ولــم تـكن سـببا إلا مـن الـحيلِ
أمـا من ابتاعت المرجان والدتي
وأنت أنت أخي بل منتهى أملي
ومـا طـردناك مـن بخلٍ ومن قللٍ
لـكن عـليك خشينا وقفة الخجلِ
"إذا صمت صديقك ولم يتكلم فلا ينقطع قلبك عن الإصغاء إلى صوت قلبه، لأن الصداقة لا تحتاج إلى الألفاظ والعبارات"
اقرأ أيضًا: قصة وعبرة: قصص قصيرة ملهمه.
قصة عن التعاون بين الأصدقاء
أحمد شاب صغير له الكثير من الأصدقاء يلعب معهم دائمًا، وفي يوم من الأيام ذهب أحمد بصحبة رفاقه ليلعبوا معا داخل ملعب كرة القدم القريب من منزلهم، ولكنهم فوجؤوا بوجود صخرة كبيرة الحجم أمام المرمى تعيقهم عن اللعب، فكر الأصدقاء كثيرًا بالحل الذي يجب أن يلجؤوا له ليتخلصوا من الصخرة.
فقرر أحمد أن يبين لأصدقائه أنه قوي وحاول تحريكها، ولكنه فشل في ذلك، فجرب أحد أصدقائه أن يحركها بدلا منه ولكنه فشل أيضًا وشعر بالتعب.
يئس الأطفال من تحريك الصخرة فجلسوا على الأرض حزينين لا يعرفون ماذا يفعلون. أثناء جلوس الأطفال على الأرض شاهدوا أسرابا كبيرة من النمل تمشي مع بعضها، وتحمل طعامها وهو ثقيل لتضعه في بيتها، فاعترضت طريق النمل حشرة كبيرة الحجم وحاولت أخذ الطعام منهم ولكنها فشلت؛ وذلك لأن جموع النمل الكبيرة منعتها من ذلك.
فعرف أحمد من مشاهدة النمل أنه كان مخطئًا حين قرر أن يبعد الصخرة وحده وتعلم أن التعاون هو الأساس في حل المشاكل، فنادى على أصدقائه كي يعاونوه في إبعاد الصخرة عن المرمى، فنجحوا في ذلك، وفرحوا كثيرًا، وبدؤوا يلعبون كرة القدم بعد أن تعلموا من النمل أفضل درس عن التعاون.
"إن البشر إذا واجهوا المصاعب بروح من التعاون والمشاركة، تبدو هذه المصاعب أقل قسوة، ويمكن التغلب عليها"