نص قصيدة: أصابك عشق أم رميت بأسهم
الشاعر: يزيد بن معاوية
أراكَ طَـــروبـــاً ذا شـــجـــاً وتـــرنــمِ
تــطـوفُ بـأكـناف الـسّـجاف الـمـخيمِ
أصــابـك عــشـقٌ أمْ رُمـيـت بـأسـهمِ
ومَـــــا هـــــذه إلا ســجـيّـة مُــغــرمِ
عـلى شـاطئِ الـوادي نـظرتُ حمامةً
أطــالـتْ عــلـيّ حـسـرتـي والـتـندمِ
فـإنْ كـنتَ مـشتاقاً إلى أيمن الحمى
وتــهــوى بــسـكـانِ الـخـيـامِ فـأنـعـم
أُشـــيــرُ إلــيــهـا بــالـبـنـان كــأنّــمـا
أُشـيـرُ إلــى الـبـيتِ الـعتيقِ الـمعظّمِ
خُـــذوا بـدمـي ذات الـوشـاحِ فـإنـني
رأيـــتُ بـعـيـني فــي أنَـامـلها دمــي
خُـــذوا بــدمـي مـنـها فـإنـي قـتـيلها
ومــــا مــقـصـدي إلا تــجــود وتـنـعـم
ولا تـقـتـلـوهـا إنْ ظــفـرتـم بـقـتـلـها
ولـكـنْ سـلـوها كـيفَ حـلّ لـها دمـي
وقـولـوا لـهـا يــا مُـنـية الـنفس إنـني
قـتيلُ الهوى والعشقِ لو كنتِ تعلمي
ولا تـحـسـبـوا أنـــي قُـتـلـت بــصـارمٍ
ولــكـنْ رمـتـني مِــن ربـاهـا بـأسـهمِ
أغــــارُ عـلـيـهـا مِـــن أبـيـهـا وأمِــهـا
ومن خطوةِ المسواكِ إن دار في الفمِ
أغـــارُ عــلـى أعـطـافـها مــن ثـيـابها
إذا لـبـسـتها فـــوق جــسـمٍ مُـنـعـمِ
وأحــســدُ أقــداحــاً تــقـبـلُ ثــغـرُهـا
إذا وضـعـتها مـوضـعَ الـلثمِ فـي الـفم
لــهـا حـكـم لـقـمان وصــورة يـوسـف
ونـــغــمــة داوود وعــــفـــة مـــريـــمِ
ولــي حــزنُ يـعقوب ووحـشه يـونس
وآلام أيـــــــــــوب وحـــــســـــرة آدمِ
ولـــمّــا تــلاقـيـنـا وجـــــدتُ بـنـانـهـا
مـخـضـبـةً تــحـكـي عــصـارة عــنـدمِ
فـقـلت خـضـبت الـكـف بـعـدي هـكذا
يــكــون جـــزاء الـمـسـتهام الـمـتـيم
فقالت وأبدت في الحشا حرق الجوى
مـقـالة مــن فــي الـقـول لــم يـتـبرم
وعـيـشكم مــا هــذا خـضـاب عـرفـته
فـــلا تـــك بــالـزور والـبـهـتان مـتـهم
ولــكـنـنـي لـــمــا وجــدتــك راحــــلاً
وقـد كـنت لـي كـفي وزنـدي ومعصمِ
بـكـيت دمــاً يــوم الـنـوى فـمـسحته
بـكـفي فـاحـمرّت بـنـاني مــن دمـي
ولـــو قــبـل مـبـكـاها بـكـيـت صـبـابة
لـكـنت شـفيت الـنفس قـبل الـتندمِ
ولـكـن بـكـت قـبلي فـهيج لـي الـبكا
بــكـاهـا فــكـان الـفـضـل لـلـمـتقدمِ
بـكيت عـلى مـن زين الحسن وجهها
ولـيـس لـهـا مـثـل بـعـرب وأعـجـمي
مــدنـيـة الألــفـاظ مـكـيـة الـحـشـى
هــلالـيـة الـعـيـنـين طــائـيـة الــفــم
ومـمشوطة بـالمسك قـد فاح نشرها
بــثـغـر كــــأن الــــدر فــيــه مــنـظـم
أشــارت بـرمـش الـعين خـيفة أهـلها
إشـــــارة مــحـسـود ولــــم تـتـكـلـم
فـأيـقـنـت أن الــطـرف قـــال مـرحـبـا
وأهـــلاً وســهـلاً بـالـحـبيب الـمـتـيم
فـوسـدتـهـا زنـــدي وقـبـلـت ثـغـرهـا
فـكـانت حــلالاً لـي ولـو كـنت مـحرم
فــــوالله لـــولا اللهِ والــخـوفِ والــرجـا
لـعـانـقـتُها بــيــن الـحـطـيـمِ وزمـــزمِ
وقـبـلـتـها تــسـعـاً وتـسـعـون قـبـلـة
مــفــرقـة بــالـخـد والــكــف والــفــم
وقـــد حـــرم الله الــزنـا فـــي كِـتـابهِ
ومـــا حـــرم الـقُـبلات بـالـخد والـفـمِ
ولــو حُـرِّم الـتقبيل عـلى ديـن أحـمد
لـقبلتها عـلى دين المسيح ابن مريم
ألا فـاسقني كـاسات خـمر وغـن لي
بــذكــر سـلـيـمى والــربـاب وزمـــزم
وآخـــر قــولـي مــثـل مـــا قـلـت أولاً
أراك طــــروبـــاً والـــهـــاً كــالـمـتـيـم