القناعة والرضا هما من أسمى القيم التي حث عليها الدين والحكماء، فمن خلالهما يجد الإنسان السعادة والطمأنينة. وقد عبر الشعراء عن هذه القيم العظيمة بأبيات شعرية بديعة، سطرّوا فيها معاني عميقة ومشاعر صادقة. في هذا المقال، سنتناول مجموعة من هذه الأبيات، ونستلهم منها دروساً قيمة في الحياة.
أبيات شعر عن القناعة
قال صفي الدين الحلي:
قناعةُ المرءِ بِما عِندهُ
مملكةٌ ما مِثلُها مملكه
فاِرضوا بِما جاء عفواً ولا
تُلقوا بِأيديكُم إلى التهلُكه
وقال صالح بن عبد القدوس:
واقنع ففي بعضِ القناعةِ راحةٌ
واليَأسُ مِمّا فات فهوَ المطلبُ
وإذا طُعِمت كُسيت ثوْب مذلّةٍ
فلقد كُسي ثوْب المذلّةِ أشعبُ
وقال أبو فراس الحمداني:
إنّ الغنيّ هوَ الغنيُّ بِنفسِهِ
ولوْ أنّهُ عاري المناكِبِ حافِ
ما كُلُّ ما فوق البسيطةِ كافياً
فإذا قنِعت فكُلُّ شيءٍ كافِ
وقال الإمام الشافعي:
العبدُ حرٌّ إن قَنَعْ
والحرُّ عبدٌ إن طمع
فاقنعْ ولا تطمعْ فلاَ
شيءٌ يشينُ سوى الطمع
وقال الثعالبي:
هي القناعةُ فالزَمْها تعِشْ ملكاً
لو لم يكنْ منكَ إلاّ راحةُ البدنِ
وانظُرْ إلى مالكِ الدنيا بأجْمعِها
هل راحَ منها بغيرِ القُطْنِ والكفنِ
وقال ابن حمديس:
فلا تقنع مِن الدُّنيا بحظٍ
إذا لم تحوهِ يدك اغتِصابا
فشرُ ليوثِ الأرضِ ليثٌ
يُشاركُ في فريستِهِ الذِّئابا
وقال فتيان الشاغوري:
إنّ القناعة لم تخلع ملابِسها
إلّا على رجُلٍ ناهيك مِن رجُلِ
صُن ماء وجهِك عن ذُلِّ السُؤالِ ولو
أتاك إهراقُهُ بِالمالِ والخوَلِ
وقال أبو العتاهية:
ولربَّ حتفٍ فوقَهُ
ذهبٌ وياقوتٌ ودرُّ
فاقنعْ بعيشكَ يا فتى
واملكْ هواكَ وأنتَ حُرُّ
وقال البحتري:
إن القناعة والعفاف
ليغنيان عن الغنى
فإذا صبرت عن المنى
فاشكر فقد نلت المنى
وقال هبة الله بن عرام:
إذا حصل القوت فاقنع به
فإن القناعة للمرء كنز
وصن ماء وجهك عن بذله
فإن الصيانة للوجه عز
وقال ابن رشيق القيرواني:
قناعةُ المرءِ الرِّضى
وحِرصُهُ أقصى العدم
ومالهُ مِن مالِهِ
إذا انقضى غيْرُ النّدم
وقال عبد العزيز بن سليمان الأبرش:
إذا المرء لم يقنع بعيش فإنه
وإن كان ذا مال من الفقر موقر
إذا كان فضل الناس يغنيك بينهم
فأنت بفضل الله أغنى وأيسر
وقال محمود الوراق:
غِنى النفسِ يُغنيها إذا كُنت قانِعاً
وليس بِمُغنيك الكثيرُ مع الحِرصِ
وإنّ اِعتِقاد الهمِّ لِلخيرِ جامِعٌ
وقِلّةُ همِّ المرءِ تدعو إلى النقصِ
وقال أبو العلاء المعري:
أقنع بِأيسرِ شيءٍ فالزمانُ لهُ
محيلةٌ لا تُقضّى عِندها الحِوَجُ
وما يكُفُّ أذاةً عنك حِلفُ ضنىً
وقد يشُجُّك عودٌ مسّهُ عوَجُ
وقال جميل صدقي الزهاوي:
اقنع إذا كنت يوما
تلقى بعزمك وهنا
إن القناعة كنز
لأهله ليس يفنى
وقال أحد الشعراء:
وَخير حال الفتى في القول أقصدُها
بين السبيلينِ لاعيٌّ ولا هذرُ
العيشُ لا عيش إلّا ما قنِعت بِهِ
قد يكثُر المالُ والإنسان مفتقِر
وقال آخر:
عليْك بِتقوَى اللّهِ واقنع بِرِزقِهِ
فخيْرُ عِبادِ اللّهِ من هوَ قانِعُ
ولا تُلهِك الدنيا ولا تطمع بها
فقد يُهلك المغرور فيها المطامعُ
وقال آخر:
إنِّي أرى من لهُ قُنوعٌ
يعدِلُ من نال ما تمنّى
والرِّزقُ يأتي بِلا عناءٍ
ورُبّما فات من تعنّى
اقرأ أيضًا: أجمل ما قيل عن القناعة.
بيت شعري عن القناعة
قال المتنبي:
وَفي الناسِ من يرضى بِميسورِ عيشِهِ
ومركوبُهُ رِجلاهُ والثوبُ جِلدُهُ
وقال أيضًا:
لا أشرئِبُّ إلى ما لم يفُت طمعاً
ولا أبيتُ على ما فات حسرانا
وقال لبيد بن ربيعة:
فاقنع بِما قسم المليْكُ فإنّما. قسم الخلائِق بيْننا علاّمُها
وقال محمد عبد الغني حسن:
أنا بالقناعة سيد لسعادتي
فإذا جشعت فإنني العبد الشقي
وقال أبو ذؤيب الهذلي:
والنفسُ راغِبِةٌ إذا رغّبتها
فإذا تُردُّ إلى قليلٍ تقنعُ
وقال خليل جبران خليل:
يُضيعُ المرءُ ما كسبت يداهُ
بِمطمعِهِ ويَملكهُ قنوعا
وقال الشريف المرتضى:
إذا شئت أن تلقى مُنى العيش كلِّه
فكُن بالّذي يقضي به اللّهُ راضيا
اقرأ أيضًا: أبيات شعر قصيرة عن الصبر.
شعر قصير عن القناعة
قال الإمام الشافعي:
رأيْتُ القناعة رأس الغنى
فصِرتُ بأذيالِها مُتمسِك
فلا ذا يراني على بابهِ
ولا ذا يراني بهِ مُنهمِك
فصرتُ غنيّاً بِلا دِرهم
أمرُّ على النّاسِ شبه الملك
وقال الإمام علي بن أبي طالب:
أفادتني القناعةُ كُلّ عِزٍّ
وهل عِزٌّ أعزُّ مِن القناعة
فصيِّرها لِنفسِك رأسُ مالٍ
وصيِّر بعدها التقوى بِضاعة
تحُز رِبحاً وتُغني عن بخيلٍ
وتنعمُ في الجِنانِ بِصبرِ ساعة
وقال أبو الفتح البستي:
تقنّع بالكفِايةِ فهيَ أولي
بوَجهِ الحُرِّ من ذُلِّ القُنوعِ
وضنّ بِماء وجهِك لا تُرِقهُ
ولا تبذُله للنُّذلِ المنوعِ
فأهوَنُ من سُؤالِ الحُرِّ نذلاً
مماتُ الحُرِّ من جوعٍ ونوعِ
وقال صريع الغواني:
لا تقنعنّ ومطلبٌ لك واسِعٌ
فإذا تضايَقت المطالِبُ فاِقنعِ
وإذا حرصت فألقِ ستر قناعةٍ
مِن دونِ حِرصِك لا تلجّ فتطبعِ
ومِن المُروءةِ قانِعٌ ذو هِمّةٍ
يسعى لها فإذا نبت لم يقلعِ
ما كُنتُ إمّعةً ولكِن هِمّةٌ
تأبى الهوان وفُسحةٌ في المنجعِ
وقال الخليل بن أحمد:
إن لم يكُن لك لحُمٌ
كفاك خلُّ وزيتُ
أو لم يكُن ذا وهذا
فكِسرةٌ وبُيَتُ
تظلُّ فيهِ وتأوي
حتّى يجيئك موتُ
هذا عفافٌ وأمنٌ
فلا يغُرّك ليتُ
وقال أبو العلاء المعري:
لا تطلُبِ الغرض البعيد وتسهرِ
ما يُقض يأتِ وطالِبٌ لم يُبهرِ
جيلٌ فجيلٌ يذهبون ويَنطوي
خبرٌ ويُصبِحُ خامِلٌ كمُشهّرِ
والمرءُ يغشاهُ الأذى مِن حيثُ لا
يخشاهُ فأِعجب مِن صُروفِ الأدهُرِ
وقال ابن الشبل البغدادي:
قالوا القناعة عز والكفاف غنى
والذل والعار حرص المرء والطمع
صدقتم من رضاه سد جوعته
إن لم يصبه فماذا عنه يقتنع
وقال ظافر الحداد:
جلالُ العزِّ في مال القناعة
وذلُّ الهونِ في فقر الطّماعة
فتلك مع القليل النّزر خِصبٌ
وتلك مع الغِنى أبدا محاعة
وذا مالٌ مع الإنفاقِ يزكو
وهذا بالصيانةِ في إضاعة
وقال آخر:
إذا أظمأتك أكف اللئام
كفتك القناعة شبعا وريا
فكن رجلا رجله في الثرى
وهامة همته في الثريا
أبيا لنائل ذي ثروة
تراه بما في يديه أبيا
فإن إراقة ماء الحياة
دون إراقة ماء المحيا
اقرأ أيضًا: أبيات شعر قصيرة عن المصائب والمحن.
شعر عن الرضا والقناعة
قال أبو العتاهية:
ما يُشبعُ النّفس إن لم تُمسِ قانِعةً
شيٌ ولو كثرت في مُلكِها البِدرُ
والنّفسُ تشبعُ أحياناً فيُرجِعُها
نحوَ المجاعةِ حُبُّ العيشِ والبطرُ
وقال الإمام علي:
إذا المرءُ لم يرض ما أمكنهُ
ولم يأتِ مِن أمرِهِ أزيَنه
وأعجبُ بِالعُجبِ فاِقتادهُ
وتاه بِهِ التّيهِ فاِستحسنهُ
فدعهُ فقد ساء تدبيرُهُ
سيَضحكُ يوماً ويَبكي سنه
وقال ابن الرومي:
إذا ما كساك اللّه سربال صحةٍ
ولم تخلُ من قوتٍ يحِلُّ ويَعذُبُ
فلا تغبِطنّ المترفين فإنهم
على قدرِ ما يكسوهُمُ الدهرُ يسلبُ
وقال الشريف المرتضى:
لا هطل الغيثُ بدار الأُلى
ليس بهم راضٍ ولا قانعُ
الشّرُّ في أبياتهم لابثٌ
والخير فيما بينهم ضائعُ
من يشتري منّي جِواري لهم
فإنّني اليوم له بائعُ
وقال محمد بن إسحاق الواسطي:
الحمد لله حمدا دائما أبدا
لقد تزين أهل الحرص والشين
لا زين إلا لراض في تقلله
إن القنوع لثوب العز والدين
وقال البحتري:
رأيت القعود على الاقتصاد
قنوعا به ذلة في العباد
وعز بذي أدب أن يضيق
بعيشته وسع هذي البلاد
إذا ما الأديب ارتضى بالخمول
فما الحظ في الأديب المستفاد
وقال محمد بن حميد الأكاف:
تقنّع بالكفافِ تعِش رخيًا
ولا تبغِ الفضول من الكفافِ
ففي خبز القفار بغير أُدمٍ
وفي ماء القِراح غنًى وكافِ
وفي الثوب المرقّع ما يُغطّى
به من كلِّ عريٍ وانكشافِ
وكلُّ تزيُّن بالمرء زين
وأزينه التزيُّنُ بالعفافِ
وقال أبو العلاء المعري:
تقنّع مِن الدُنيا بِلمحٍ فإنّها
لدى كُلِّ زوجٍ حائِضٌ ما لها طُهرُ
متى ما تُطلِّق تُعطِ مهراً وإن تزِد
فنفسُك بعد الدينِ والراحةِ المهرُ
ولم تر بطن الأرضِ يُلقي لِظهرِها
رِجالاً كما يُلقى إلى بطنِها الظهرُ
وقال أيضًا:
أقنع بِما رضيَ التقيُّ لِنفسِهِ
وأباحهُ في الحياةِ مُبيحُ
مِرآةُ عقلِك إن رأيت بِها سِوى
ما في حِجاك أرتهُ وهوَ قبيحُ
أسنى فِعالِك ما أردت بِفِعلِهِ
رشداً وخيرُ كلامِك التسبيحُ
إنّ الحوادِث ما تزالُ لها مُداً
حملُ النُجوم بِبعضِهِنّ ذبيحُ
وقال الخليل بن أحمد الفراهيدي:
رضيت من الدنيا بقوتٍ يقيمني
ولا أبتغي من بعده أبداً فضلا
ولست أروم القوت إلا لأنه
يعين على علمٍ أردُّ به جهلا
فما هذه الدنيا يكون نعيمها
لأصغر ما في العلم من نكتةٍ عدلا
وقالت عائشة التيمورية:
أفديك لا تُضني الفؤاد تحسُّرا
بعلام كان ولم يكُن ولمِاذا
وانظر ترى مُلّاك أرضِك قد غدوا
بعد العُلا تحت الصُّخورِ جُذاذا
فاقنع بما يرضى المدبِّرُ واتّخذ
مرضاة صبرِك والهُدى أُستاذا
وقال أحد الشعراء:
نصِفُ القنوع وأيُّنا يقنعُ
أوْ أيُّنا يرضى بِما يجمعُ
للّهِ درُّ ذوي القناعةِ ما
أصفى معاشهم وما أوْسعُ
من كان يبغي أن يلذّ وأن
تُهدى جوارِحُهُ فما يطمعُ
فقرُ النُّفوسِ بِقدرِ حاجتِها
وغِنى النُّفوسِ بِقدرِ ما تقنعُ
قصيدة عن القناعة
قصيدة: إن القناعة في الدنيا هي الشرف
الشاعر: عبد الغني النابلسي
إن القناعة في الدنيا هي الشرفُ
وغيرها عندنا التبذير والسرفُ
وهي التدبر في القرآن تقرؤه
وفي حديث رسول الله تعترف
واجعل معاشك من خبز الشعير ومن
ماء وإن لم يكن عذباً فتغترف
وخرقة الصوف طول العمر تلبسها
مع صاحبٍ أو صحاب أنت تأتلف
دنيا الورى عندهم نصف الشعيرة لم
تعدل علت همم منهم فلا تقف
وهذه هذه تلك السعادة في
دنياك فاقنع بها بالعز تتصف
وبالفخار على كل الملوك أولي التيجان
ممن مضى في معشر سلفوا
قصيدة: بلوت بني الدنيا فلم أرى فيهم
الشاعر: الشافعي
بلوتُ بني الدُنيا فلم أرى فيهُمُ
سِوى من غدا والبُخلُ مِلء إهابِهِ
فجرّدتُ مِن غمدِ القناعةِ صارِماً
قطعتُ رجائي مِنهُمُ بِذُبابِهِ
فلا ذا يراني واقِفاً في طريقِهِ
ولا ذا يراني قاعِداً عِند بابِهِ
غنيٌّ بِلا مالٍ عنِ الناسِ كُلِّهِم
وليس الغِنى إلّا عنِ الشيءِ لا بِهِ
قصيدة: ملك القناعة عز يذهب الذلة
الشاعر: الصاحب الأنصاري
مُلكُ القناعةِ عِزٌّ يُذهِبُ الذِّلّه
فمن حوَى كنزهُ لم يُؤت مِن قِلّه
وتبّاً لذي طمعٍ مُستعبِدٍ ومُنىً
لا تستقِرُّ على ريِّ ولا غُلّه
يسومُ إبلاعه مِن ريقِهِ بللاً
وليس يُروَى ولو أبلعتهُ دِجله
فانقع غليلك مِن نهلٍ بِلا عللٍ
واقنع إذا أكلةٌ أغنتك عن أكله
قصيدة: إن القناعة كنز ليس بالفاني
الشاعر: ابن علوي الحداد
إن القناعة كنز ليس بالفاني
فاغنم هديت أخي عيشها الفاني
وعش قنوعاً بلا حرص ولا طمع
تعش حميداً رفيع القدر والشاني
ليس الغنى كثير المال يخزنه
لحادث الدهر أو للوارث الشاني
يجمع المال من حل ومن شبه
وليس ينفق في بر وإحسان
يشقى بأمواله قبل الممات كما
يشفي بها آخراً في عمره الثاني
إن الغنى غني النفس قانعها
موفر الحظ من زهد وإيمان
بر كريم سخي النفس ينفق ما
حوت يداه من الدنيا بأيقان
منور القلب يخشى اللَه يعبده
ويتقيه بأسرار وإعلان
مؤيد راسخ في العلم متبع
أثر الرسول بإخلاص وإحسان