لامية العرب
هي قصيدة شهيرة تنسب إلى الشاعر الجاهلي الشنفرى، وقد اشتهرت بجمال ألفاظها وقوة معانيها وتعبيرها عن حياة الصعاليك في الجاهلية. تُعد من أبرز اللاميات الجاهلية، وقد حظيت باهتمام كبير من النقاد والأدباء عبر العصور.
سبب التسمية: سُميت ”لامية العرب“ لأن قوافيها تنتهي بحرف اللام. تعتبر القصيدة من عيون الشعر الجاهلي لما فيها من جمال التصوير وقوة اللغة والمضمون.
تُعتبر ”لامية العرب“ واحدة من أهم الأعمال التي جسدت روح الصعلكة في الشعر الجاهلي، وتحظى باهتمام كبير في الدراسات الأدبية.
نبذة عن الشنفرى
هو شاعر عربي جاهلي، واسمه الحقيقي ثابت بن أواس بن الحجر الأزدي، ينتمي إلى قبيلة الأزد. عُرف بلقب ”الشنفرى“ واشتهر بكونه واحداً من أبرز شعراء الصعاليك في العصر الجاهلي. ويُعرف بشجاعته ومهارته في القتال، بالإضافة إلى شعره الذي يعكس معاناته وأفكاره الثورية.
الشنفرى الأزدي هو أحد أبرز شعراء العصر الجاهلي، واشتهر الشنفرى بكونه شاعرًا صعلوكًا، أي أنه كان يعيش حياة البادية القاسية، ويتنقل من مكان إلى آخر، ويمارس حياة الغزو والسلب. اشتهر أيضًا بقصيدته الشهيرة ”لامية العرب“ التي تعد من روائع الشعر الجاهلي.
نص لامية العرب: أقيموا بني أمي صدور مطيكم
الشاعر: الشنفرى
أقيموا بني أُمّي صُدور مطيَّكُم
فإنّي إلى قومٍ سِواكُم لأميَلُ
فقد حُمّت الحاجاتُ والليلُ مُقمِرٌ
وَشُدّت لِطيّاتٍ مطايا وأرُحلُ
وَفي الأرضِ منأى لِلكريمِ عنِ الأذى
وَفيها لِمن خاف القِلى مُتعزّلُ
لعمرُك ما في الأرضِ ضيقٌ على اِمرئٍ
سرى راغِباً أو راهِباً وهوَ يعقِلُ
وَلي دونكُم أهلون سيدٌ عملّسٌ
وَأرقطُ زُهلولٌ وعرفاءُ جيألُ
هُمُ الرهطُ لا مُستودعُ السِرّ ذائِعٌ
لديهِم ولا الجاني بِما جرّ يُخذلُ
وَكُلٌّ أبيٌّ باسِلٌ غير أننّي
إذا عرضت أولى الطرائِدِ أبسلُ
وَإن مُدّتِ الأيدي إلى الزادِ لم أكنُ
بِأعجلِهِم إذ أجشعُ القومِ أعجلُ
وَما ذاك إلاّ بسطةٌ عن تفضُّلٍ
عليهِم وكان الأفضل المُتفضّلُ
وَلي صاحِبٌ من دونِهم لا يخونني
إذا التبست كفِّي بِهِ يتأكّلُ
وَإنّي كفاني فقدُ من ليس جازياً
بِحُسنى ولا في قُربٍه مُتعلّلُ
ثلاثةُ أصحابٍ فُؤادٌ مُشيَّعٌ
وَأبيَضُ إصليتٌ وصفراءُ عيطلُ
هتوفٌ مِن المُلسِ المُتونِ يزينُها
رصائِعُ قد نيطت إليها ومِحملُ
إذا زلّ عنها السهمُ حنّت كأنّها
مُرزّأةٌ عجلى تُرِنُّ وتُعوِلُ
وَأغدو خميص البطنِ لا يستفِزُّني
إلى الزاد حِرصٌ أو فُؤادٌ موَكّلُ
وَلستُ بِمِهيافٍ يُعشّي سوامهُ
مُجدّعةً سُقبانها وهيَ بُهّلُ
وَلا جبأ أكهى مُرِبٍّ بِعِرسِهِ
يُطالِعُها في شأنِهِ كيف يفعلُ
وَلا خرِقٍ هيقٍ كأنّ فُؤادهُ
يَظلُّ بِهِ المُكّاءُ يعلو ويَسفِلُ
وَلا خالِفٍ داريَّةٍ مُتغزّلٍ
يَروحُ ويَغدو داهِناً يتكحّلُ
وَلستُ بِعلٍّ شرُّهُ دون خيرِهِ
ألفّ إذا ما رُعتهُ اِهتاج أعزلُ
وَلستُ بِمِحيارِ الظلامِ إذا اِنتحت
هُدى الهوجِل العِسّيفِ يهماءُ هوجلُ
إذا الأمعزُ الصوّانُ لاقى مناسِمي
تطايَر مِنهُ قادِحٌ ومُفلّلُ
أديمُ مِطال الجوعِ حتّى أُميتهُ
وَأضرِبُ عنهُ الذِكر صفحاً فأذهلُ
وَأستفُّ تُرب الأرضِ كيلا يرى لهُ
عليَّ مِن الطولِ اِمُرؤ مُتطوَّلُ
وَلولا اجتِنابُ الذأم لم يُلف مشربٌ
يُعاشُ بِهِ إلّا لديَّ ومأكلُ
وَلكِنّ نفساً مُرّةً لا تُقيمُ بي
على الذأمِ إلّا ريثما أتحوَّلُ
واطوي على الخُمصِ الحوايا كما اِنطوَت
خُيوطةُ ماريٍّ تُغارُ وتُفتلُ
وَأغدو على القوتِ الزهيدِ كما غدا
أزلُّ تهاداهُ التنائِفُ أطحلُ
غدا طاوياً يُعارِضُ الريح هافياً
يَخوتُ بِأذنابِ الشِعابِ ويَعسلُ
فلمّا لواهُ القوتُ مِن حيثُ أمّهُ
دعا فأجابتهُ نظائِرُ نُحّلُ
مُهلهةٌ شيبُ الوُجوهِ كأنّها
قِداحٌ بِكفّي ياسِرٍ تتقلقلُ
أو الخشرمُ المبعوثُ حثحث دبرهُ
محابيضُ أرداهُنّ سامٍ مُعسّلُ
مُهرّتهٌ فوهٌ كأنّ شُدوقها
شُقوقُ العِصيَّ كالِحاتٌ وبُسلُ
فضجّ وضجّت بِالبراح كأنّها
وَإيّاه نوحٌ فوق علياء ثُكّلُ
وَأغضى وأغضت واِتّسى واِتّست بِهِ
مراميلُ عزّاها وعزّتهُ مُرمِلُ
شكا وشكت ثُمّ اِرعوى بعدُ واِرعوَت
وَللصّبرُ إن لم ينفع الشكوُ أجملُ
وَفاء وفاءت بادِراتٌ وكُلُّها
على نكظٍ مِمّا يُكاتِمُ مُجمِلُ
وَتشرِبُ أسآريَ القطا الكُدرُ بعدما
سرت قرباً أحناؤُها تتصلصلُ
هممتُ وهمّت واِبتدرنا وأسدلت
وَشمّر مِنّي فارِطٌ مُتمهّلُ
فوَلّيتُ عنها وهي تكبو لِعقرِهِ
يُباشِرُهُ مِنها ذُقونٌ وحوصلُ
كأن وغاها حجرتيهِ وحولهُ
أضاميمُ مِن سِفرِ القبائِلِ نُزّلُ
توافين مِن شتّى إليهِ فضمّها
كما ضمّ أذواد الأصاريمِ منهلُ
فعبّت غِشاشاً ثُمّ مرّت كأنّها
مع الصُبحِ ركبٌ مِن أُحاضة مُجفِلُ
وَآلف وجه الأرضِ عِند افتِراشِها
بِأهدأ تُنبيهِ سناسِنُ قُحّلُ
وَأعدِلُ منحوضاً كأنّ فُصوصهُ
كِعابٌ دحاها لاعِبٌ فهيَ مُثّلُ
فإن تبتئِس بِالشنفرى أُمُّ قسطلٍ
لما اِغتبطت بِالشنفرى قبلُ أطوَلُ
طريدُ جِناياتٍ تياسرن لحمهُ
عقيرتُهُ لأيَّها حُمّ أوَّلُ
تنامُ إذا ما نام يقظى عُيونُها
حِثاثاً إلى مكروهِهِ تتغلغلُ
وَإلفُ هُمومٍ ما تزالُ تعودُهُ
عياداً كحُمّى الربعِ أو هيَ أثقلُ
إذا وردت أصدرتُها ثُمّ إنّها
تثوبُ فتأتي مِن تُحيتٍ ومِن علُ
فإمّا تريني كاِبنةِ الرملِ ضاحياً
على رِقّةٍ أحفى ولا أتنعّلُ
فإنّي لمولى الصبرِ أجتابُ بزّهُ
على مِثلِ قلبِ السِمعِ والحزم أفعلُ
وَأُعدِمُ أحياناً وأغنى وإنّما
يَنالُ الغِنى ذو البُعدةِ المُتبذّلُ
فلا جزعٌ مِن خلّةٍ مُتكثّفٌ
وَلا مرحٌ تحت الغِنى أتخيَّلُ
وَلا تزدهي الأجهالُ حِلمي ولا أرى
سِؤولاً بِأعقابِ الأقاويلِ أنمُلُ
وَليلةِ نحسٍ يصطليَ القوس ربُّها
وَأقطُعهُ اللاتي بِها يتنبّلُ
دعستُ على غطشٍ وبغشٍ وصُحبتي
سُعارٌ وإرزيزٌ ووَجرٌ وأفكُلُ
فأيَّمتُ نِسواناً وأيتمتُ آلدةً
وَعُدتُ كما أبدأتُ والليلُ أليَلُ
وَأصبح عني بِالغُميصاءِ جالِساً
فريقانِ مسؤولٌ وآخرُ يسألُ
فقالوا لقد هرّت بِليلٍ كِلابُنا
فقُلنا أذِئُبٌ عسّ أم عسّ فُرغُلُ
فلم تكُ إلّا نبأةً ثُمّ هوَّمت
فقُلنا قطاةٌ ريع أم ريَع أجدلُ
فإن يكُ مِن جِنٍّ لأبرحُ طارِقاً
وَإن يكُ أُنساً ماكها الأُنسُ تفعلُ
وَيَومٍ مِن الشِعرى يذوبُ لوابُهُ
أفاعيهِ في رمضائِهِ تتململُ
نصبتُ لهُ وجهي ولا كِنّ دونهُ
وَلا سِتر إلّا الأتُحميَ المُرعبلُ
وَضافٍ إذا هبّت لهُ الريحُ طيَّرت
لبائِد عن أعطافِهِ ما ترجّلُ
بعيدٌ بِمسّ الدُهنِ والفليُ عهدُهُ
لهُ عبسٌ عافٍ مِن الغِسلِ مُحوِلُ
وَخرقٍ كضهرِ التِرسِ قفرٍ قطعتُهُ
بِعامِلتينِ ظهرُهُ ليس يُعملُ
وَألحقتُ أولاهُ بِأُخراهُ موفياً
على قُنّةٍ أُقعي مِراراً وأمثِلُ
ترودُ الأراويَ الصُحمُ حولي كأنّها
عذارى عليهنّ المُلاءُ المُذيَّلُ
وَيَركُدن بالآصالِ حولي كأنّني
مِن العُصم أدفى ينتحي الكيح أعقلُ
شرح لامية العرب
شرح لامية العرب: أقيموا بني أمي صدور مطيكم – للشنفرى معاني المفردات والأبيات بطريقة مميزة واضحة.