أجمل أشعار قيس بن الملوح (مجنون ليلى)

في هذه المقالة، سنستعرض أجمل قصائده، وسنتعرف على الأسباب التي جعلته رمزًا للحب والغزل في الأدب العربي.

قيس بن الملوح، المعروف أيضًا بمجنون ليلى، هو شاعر غزل عربي عاش في القرن الأول الهجري (645م - 688م). اشتهر بقصة حبه العذري مع ليلى العامرية، التي أصبحت رمزًا للحب العذري في الأدب العربي. نشأ قيس وليلى معًا في نجد، وتربيا سويًا، لكن أهل ليلى رفضوا تزويجها له، مما دفعه إلى الهيمان في الصحراء ينشد الأشعار ويتغنى بحبه لها. في هذه المقالة، سنستعرض أجمل قصائده، وسنتعرف على الأسباب التي جعلته رمزًا للحب والغزل في الأدب العربي.

اقرأ أيضًا: القصيدة المؤنسة: تذكرت ليلى والسنين الخواليا - مجنون ليلى.

قصيدة: يقولون ليلى بالعراق مريضة

ألا إنّ ليلى بِالعِراقِ مريضةٌ
وَأنت خليُّ البالِ تلهو وترقُدُ

فلو كُنت يا مجنونُ تضنى مِن الهوى
لبِتّ كما بات السليمُ المُسهّدُ

يَقولون ليلى بِالعِراقِ مريضةٌ
فما لك لا تضنى وأنت صديقُ

شفى اللهُ مرضى بِالعِراقِ فإنّني
على كُلِّ مرضى بِالعِراقِ شفيقُ

فإن تكُ ليلى بِالعِراقِ مريضةً
فإنّيَ في بحرِ الحُتوفِ غريقُ

أهيمُ بِأقطارِ البِلادِ وعرضِها
وَمالي إلى ليلى الغداة طريقُ

كأنّ فُؤادي فيهِ مورٍ بِقادِحٍ
وَفيهِ لهيبٌ ساطِعٌ وبُروقُ

إذا ذكرتها النفسُ ماتت صبابةً
لها زفرةٌ قتّالةٌ وشهيقُ

سقتنيَ شمسٌ يُخجِلُ البدر نورُها
وَيَكسِفُ ضوء البرقِ وهوَ بروقُ

غُرابيّةُ الفِرعينِ بدريّةُ السنا
وَمنظرُها بادي الجمالِ أنيقُ

وَقد صِرتُ مجنوناً مِن الحُبِّ هائِماً
كأنّيَ عانٍ في القُيودِ وثيقُ

أظلُّ رزيح العقلِ ما أُطعمُ الكرى
وَلِلقلبِ مِنّي أنّةٌ وخُفوقُ

برى حُبُّها جِسمي وقلبي ومُهجتي
فلم يبق إلّا أعظُمٌ وعُروقُ

فلا تعذِلوني إن هلكتُ ترحّموا
عليّ ففقدُ الروحِ ليس يعوقُ

وَخُطّوا على قبري إذا مِتُّ واِكتُبوا
قتيلُ لِحاظٍ مات وهوَ عشيقُ

إلى اللهِ أشكو ما أُلاقي مِن الهوى
بِليلى ففي قلبي جوىً وحريقُ

اقرأ أيضًا: أبيات شعر قصيرة عن الحب والعشق.

قصيدة: إن الغواني قتلت عشاقها

إنّ الغوانيَ قتّلت عُشّاقها
يا ليت من جهل الصبابة ذاقها

في صُدغِهِنّ عقارِبٌ يلسعننا
ما من لسعن بِواجِدٍ تِرياقِها

إنّ الشِفاء عِناقُ كُلِّ خريدةٍ
كالخيزُرانةِ لا نملُّ عِناقها

بيضٌ تُشبّهُ بِالحِقاقِ ثُديُّها
مِن عاجةٍ حكتِ الثُديُّ حِقاقها

يُدمي الحريرُ جُلودهُنّ وإنّما
يُكسين مِن حُللِ الحريرِ رِقاقها

زانت روادِفها دِقاقُ خُصورِها
إنّي أُحِبُّ مِن الخُصورِ دِقاقها

إنّ الّتي طرق الرِجال خيالُها
ما كُنتُ زائِرها ولا طرّاقها

اقرأ أيضًا: شعر رومانسي قصير.

قصيدة: أيا ويح من أمسى يخلس عقله

أيا ويح من أمسى يُخلّسُ عقلُهُ
فأصبح مذهوباً بِهِ كُلّ مذهبِ

خليّاً مِن الخُلّانِ إلّا مُعذّباً
يُضاحِكُني من كان يهوى تجنُّبي

إذا ذُكِرت ليلى عقلتُ وراجعت
روائِعُ قلبي مِن هوىً مُتشعِّبِ

وَقالوا صحيحٌ ما بِهِ طيفُ جِنّةٍ
وَلا الهمُّ إلّا بِاِفتِراءِ التكذُّبِ

وَلي سقطاتٌ حين أُغفِلُ ذِكرها
يَغوصُ عليها من أراد تعقُّبي

وَشاهِدُ وجدي دمعُ عيني وحُبُّها
يَرى اللحم عن أحناءِ عظمي ومنكبي

تجنّبتُ ليلى أن يلِجّ بيَ الهوى
وَهيهات كان الحُبُّ قبل التجنُّبِ

فما مُغزِلٌ أدماءُ بات عزالُها
بِأسفلِ نِهيٍ ذي عرارٍ وخلّبِ

بِأحسن مِن ليلى ولا أمّ فرقدِ
غضيضةُ طرفٍ رعيُها وسط ربربِ

نظرتُ خِلال الركبِ في رونقِ الضُحى
بِعيني قُطاميٍّ نما فوق عُرقُبِ

إلى ظُعُنٍ تخذي كأنّ زُهائها
نواعِم أثلٍ أو سعيّاتِ أثلبِ

وَلم أر ليلى غير موقِفِ ساعةٍ
بِبطنِ مِنىً ترمي جِمار المُحصّبِ

وَيُبدي الحصى مِنها إذا قذِفت بِهِ
مِن البُردِ أطراف البنانِ المُخضّبِ

فأصبحتُ مِن ليلى الغداة كناظِرٍ
مع الصُبحِ في أعقابِ نجمٍ مُغرِّبِ

ألا إنّما غادرتِ يا أُمّ مالِكٍ
صدى أينما تذهب بِهِ الريحُ يذهبِ

حلفتُ بِمن أرسى ثبيراً مكانهُ
عليهِ ضبابٌ مِثلُ رأسِ المُعصّبِ

وَما يسلُكُ الموماة مِن كُلِّ نِقضةٍ
طليحٍ كجفنِ السيفِ تُحدى بِموكِبِ

خوارِج مِن نُعمان أو مِن سُفوحِهِ
إلى البيتِ أو يطلُعن مِن نجدِ كبكبِ

لهُ حظُّهُ الأوفى إذا كان غائِباً
وَإن جاء يبغي نيلنا لم يُؤنّبِ

لقد عِشتُ مِن ليلى زماناً أُحِبُّها
أرى الموت مِنها في مجيئي ومذهبي

وَلمّا رأت أنّ التفرُّق فلتةٌ
وَأنّا متى ما نفترِق نتشعّبِ

أشارت بِموشومٍ كأنّ بنانهُ
مِن اللينِ هُدّابُ الدِمقسِ المُهذّبِ

اقرأ أيضًا: أشعار أحمد شوقي في الحب والغزل.

قصيدة: لقد لامني في حب ليلى أقاربي

لقد لامني في حُبِّ ليلى أقارِبي
أبي واِبنُ عمّي واِبنُ خالي وخاليا

يَقولون ليلى أهلُ بيتِ عداوَةٍ
بِنفسيَ ليلى مِن عدوٍّ وماليا

أرى أهل ليلى لا يُريدُنني لها
بِشيءٍ ولا أهلي يُريدونها ليا

قضى اللهُ بِالمعروفِ مِنها لِغيرِنا
وَبِالشوقِ والإبعادِ مِنها قضى ليا

قسمتُ الهوى نِصفينِ بيني وبينها
فنِصفٌ لها هذا لِهذا وذا ليا

ألا يا حماماتِ العِراقِ أعِنّني
على شجني واِبكين مِثل بُكائيا

يَقولون ليلى بِالعِراقِ مريضةٌ
فيا ليتني كُنتُ الطبيب المُداويا

فشاب بنو ليلى وشاب اِبنُ بِنتِها
وَحُرقةُ ليلى في الفُؤادِ كما هيا

عليّ لإن لاقيتُ ليلى بِخلوَةٍ
زيارةُ بيتِ اللهِ رجلانِ حافيا

فيا ربِّ إذ صيّرت ليلى هيَ المُنى
فزِنّي بِعينيها كما زِنتها ليا

وَإلّا فبغِّضها إليّ وأهلها
فإنّي بِليلى قد لقيتُ الدواهيا

يَلومون قيساً بعد ما شفّهُ الهوى
وَبات يُراعي النجم حيران باكيا

فيا عجباً مِمّن يلومُ على الهوى
فتىً دنِفاً أمسى مِن الصبرِ عاريا

يُنادي الّذي فوق السمواتِ عرشُهُ
ليَكسِف وجداً بين جنبيهِ ثاويا

يَبيتُ ضجيع الهمِّ ما يطعمُ الكرى
يُنادي إلهي قد لقيتُ الدواهيا

بِساحِرةِ العينينِ كالشمسِ وجهُها
يُضيءُ سناها في الدُجى مُتساميا

قصيدة: وكم قائل لي اسل عنها بغيرها

وَكم قائِلٍ لي اِسلُ عنها بِغيرِها
وَذلِك مِن قولِ الوُشاةِ عجيبُ

فقُلتُ وعيني تستهِلُّ دُموعها
وَقلبي بِأكنافِ الحبيبِ يذوبُ

لئِن كان لي قلبٌ يذوبُ بِذِكرِها
وَقلبٌ بِأُخرى إنّها لقُلوبُ

فيا ليل جودي بِالوِصالِ فإنّني
بِحُبِّكِ رهنٌ والفُؤادُ كئيبُ

لعلِّكِ أن تُروى بِشُربٍ على القذى
وَترضى بِأخلاقٍ لهُنّ خُطوبُ

وَتبلي وِصال الواصِلين فتعلمي
خلائِق من يُصفي الهوى ويَشوبُ

لقد شفّ هذا القلب أن ليس بارِحاً
لهُ شجنٌ ما يُستطاعُ قريبُ

فلا النفسُ تخليها الأعادي فتشتقى
وَلا النفسُ عمّا لا تنالُ تطيبُ

لكِ اللهُ إنّي واصِلٌ ما وصلتِني
وَمُثنٍ بِما أوليتِني ومُثيبُ

وَآخِذُ ما أعطيتِ عفواً وإنّني
لأزوَرُّ عمّا تكرهين هيوبُ

فلا تترُكي نفسي شعاعاً فإنّها
مِن الوَجدِ قد كادت عليك تذوبُ

وَألقى مِن الحُبِّ المُبرِّحِ سورةً
لها بين جِلدي والعِظامِ دبيبُ

وَإنّي لأستحييكِ حتّى كأنّما
عليّ بِظهرِ الغيبِ مِنكِ رقيبُ

قصيدة: دعوني دعوني قد أطلتم عذابيا

دعوني دعوني قد أطلتُم عذابيا
وَأنضجتُمُ جِلدي بِحرِّ المكاويا

دعوني أمُت غمّاً وهمّاً وكُربةً
أيا ويح قلبي من بِهِ مِثلُ ما بيا

دعوني بِغمّي واِنهدوا في كلاءةٍ
مِن اللهِ قد أيقنتُ أن لستُ باقيا

وَراءكُمُ إنّي لقيتُ مِن الهوى
تباريح أبلت جِدّتي وشبابيا

برانيَ شوقٌ لو بِرضوى لهدّهُ
وَلو بِثبيرٍ صار رمساً وسافيا

سقى اللهُ أطلالاً بِناحيَةِ الحِمى
وَإن كُنّ قد أبدين لِلناسِ ما بيا

منازِلُ لو مرّت عليها جنازتي
لقال الصدى يا حامِليّ اِنزِلا بيا

فأُشهِدُ بِالرحمنِ من كان مُؤمِناً
وَمن كان يرجو الله فهوَ دعا ليا

لحا اللهُ أقواماً يقولون إنّنا
وَجدنا الهوى في النأيِ لِلصبِّ شافيا

فما بالُ قلبي هدّهُ الشوقُ والهوى
وَأنضج حرُّ البينِ مِنّي فُؤاديا

ألا ليت عيني قد رأت من رآكُمُ
لعلّيَ أسلو ساعةً مِن هُياميا

وَهيهات أن أسلو مِن الحُزنِ والهوى
وَهذا قميصي مِن جوى البينِ باليا

فقُلتُ نسيم الريح أدِّ تحيّتي
إليها وما قد حلّ بي ودهانيا

فأشكُرهُ إنّي إلى ذاك شائِقٌ
فيا ليت شِعري هل يكونُ تلاقيا

مُعذِّبتي لولاكِ ما كُنتُ هائِماً
أبيتُ سخين العينِ حرّان باكيا

مُعذِّبتي قد طال وجدي وشفّني
هواكِ فيا لِلناسِ قلّ عزائيا

مُعذِّبتي أوردتِني منهل الردى
وَأخلفتِ ظنّي واِحترمتِ وِصاليا

خليليّ هيّا أسعِداني على البُكا
فقد جهدت نفسي ورُبّ المثانيا

خليليّ إنّي قد أرِقتُ ونِمتُما
لِبرقٍ يمانٍ فاِجلِسا علِّلانيا

خليليّ لو كُنتُ الصحيح وكُنتُما
سقيمينِ لم أفعل كفِعلِكُما بيا

خليليّ مُدّا لي فِراشيَ واِرفعا
وِسادي لعلّ النوم يُذهِبُ ما بيا

خليليّ قد حانت وفاتيَ فاِطلُبا
ليَ النعش والأكفان واِستغفِرا ليا

وَإن مِتُّ مِن داءِ الصبابةِ أبلِغا
شبيهة ضوءِ الشمسِ مِنّي سلاميا

قصيدة: متى يشتفي منك الفؤاد المعذب

متى يشتفي مِنك الفُؤادُ المُعذّبُ
وَسهمُ المنايا مِن وِصالِكِ أقربُ

فبُعدٌ ووَجدٌ واِشتياقٌ ورجفةٌ
فلا أنتِ تُدنيني ولا أنا أقربُ

كعُصفورةٍ في كفِّ طِفلٍ يزُمُّها
تذوقُ حياض الموتِ والطِفلُ يلعبُ

فلا الطِفلُ ذو عقلٍ يرِقُّ لِما بِها
وَلا الطيرُ ذو ريشٍ يطيرُ فيَذهبُ

وَلي ألفُ وجهٍ قد عرفتُ طريقهُ
وَلكِن بِلا قلبٍ إلى أين أذهبُ

قصيدة: أقول لأصحابي وقد طلبوا الصلا

أقولُ لِأصحابي وقد طلبوا الصِلا
تعالوا اِصطلوا إن خِفتُمُ القُرّ مِن صدري

فإنّ لهيب النارِ بين جوانِحي
إذا ذُكِرت ليلى أحرُّ مِن الجمرِ

فقالوا نُريدُ الماء نسقي ونستقي
فقُلتُ تعالوا فاِستقوا الماء مِن نهري

فقالوا وأين النهرُ قُلتُ مدامِعي
سيُغنيكُمُ دمعُ الجُفونِ عنِ الحفرِ

فقالوا ولِم هذا فقُلتُ مِن الهوى
فقالوا لحاك اللهُ قُلتُ اِسمعوا عُذري

ألم تعرِفوا وجهاً لِليلى شُعاعُهُ
إذا بررت يُغني عنِ الشمسِ والبدرِ

يَمُرُّ بِوَهمي خاطِرٌ فيَؤُدُّها
وَيَجرحُها دون العيانِ لها فِكري

مُنعّمةٌ لو قابل البدر وجهُها
لكان لهُ فضلٌ مُبينٌ على البدرِ

هِلاليّةُ الأعلى مُطلّخةُ الذُرا
مُرجرجةُ السُفلى مُهفهفةُ الخصرِ

مُبتلّةٌ هيفاءُ مهضومةُ الحشا
موَرّدةُ الخدّينِ واضِحةُ الثغرِ

خدلّجةُ الساقينِ بضٌّ بضيضةٌ
مُفلّجةُ الأنيابِ مصقولةُ العُمرِ

فقالوا أمجنونٌ فقُلتُ موَسوِسٌ
أطوفُ بِظهرِ البيدِ قفراً إلى قفرِ

فلا ملكُ الموتِ المُريحِ يُريحُني
وَلا أنا ذو عيشٍ ولا أنا ذو صبرِ

وَصاحت بِوَشكِ البينِ مِنها حمامةٌ
تغنّت بِليلٍ في ذُرا ناعِمٍ نضرِ

على دوحةٍ يستنُّ تحت أُصولِها
نواقِعُ ماءٍ مدّهُ رصفُ الصخرِ

مُطوّقةٌ طوقاً ترى في خِطامِها
أُصول سوادٍ مُطمئِنٍّ على النحرِ

أرنّت بِأعلى الصوتِ مِنها فهيّجت
فُؤاداً مُعنّى بِالمليحةِ لو تدري

فقُلتُ لها عودي فلمّا ترنّمت
تبادرتِ العينانِ سحّاً على الصدرِ

كأنّ فُؤادي حين جدّ مسيرُها
جناحُ غُرابٍ رام نهضاً إلى الوَكرِ

فوَدّعتُها والنارُ تقدحُ في الحشا
وَتوديعُها عِندي أمرُّ مِن الصبرِ

وَرُحتُ كأنّي يوم راحت جِمالُهُم
سُقيتُ دم الحيّاتِ حين اِنقضى عُمري

أبيتُ صريع الحُبِّ دامٍ مِن الهوى
وَأُصبِحُ منزوع الفُؤادِ مِن الصدرِ

رمتني يدُ الأيّامِ عن قوسِ غِرّةٍ
بِسهمينِ في أعشارِ قلبي وفي سحري

بِسهمينِ مسمومينِ مِن رأسِ شاهِقٍ
فغودِرتُ مُحمرّ الترائِبِ والنحرِ

مُنايَ دعيني في الهوى مُتعلِّقاً
فقد مِتُّ إلّا أنّني لم يُزر قبري

فلو كُنتِ ماءً كُنتِ مِن ماءِ مُزنةٍ
وَلو كُنتِ نوماً كُنتِ مِن غفوَةِ الفجرِ

وَلو كُنتِ ليلاً كُنتِ ليل تواصُلِ
وَلو كُنتِ نجماً كُنتِ بدر الدُجى يسري

عليكِ سلامُ اللهِ يا غايَة المُنى
وَقاتِلتي حتّى القيامةِ والحشرِ

قصيدة: سأبكي على ما فات مني صبابة

سأبكي على ما فات مِنّي صبابةً
وَأندُبُ أيّام السُرورِ الذواهِبِ

وَأمنعُ عيني أن تلذّ بِغيرِكُم
وَإنّي وإن جانبتُ غيرُ مُجانِبِ

وَخيرُ زمانٍ كُنتُ أرجو دُنوّهُ
رمتني عُيونُ الناسِ مِن كُلِّ جانِبِ

فأصبحتُ مرحوماً وكُنتُ مُحسّداً
فصبراً على مكروهِها والعواقِبِ

وَلم أرها إلّا ثلاثاً على مِنىً
وَعهدي بِها عذراءُ ذاتُ ذوائِبِ

تبدّت لنا كالشمسِ تحت غمامةٍ
بدا حاجِبٌ مِنها وضنّت بِحاجِبِ

قصيدة: أيا ليل زند البين يقدح في صدري

أيا ليلَ زَنْدُ الْبَيْن يقدَحُ في صَدْري
ونار الأسى ترمي فؤادي بالجمر

أبَى حَدَثانُ الدهر إلاَّ تشتُّتاً
وأيُّ هَوىً يَبْقَى على حَدَثِ الدهرِ

تعز فإن الدهر يجرح في الصفا
ويقدح بالعصرين في الجبل الوعر

وإني إذا ما أعوز الدمع أهله
فزعت إلى دلحاء دائمة القطر

فو الله ما أنساك ما هبت الصبا
وما ناحتِ الأطيارُ في وَضَح الفَجْرِ

وما نطقت بالليل سارية القطا
وما صدحت في الصبح غادية الكدر

وما لاح نجم في السماء وما بكت
مُطَوَّقةٌ شَجْواً على فَنَنِ السِّدْرِ

وما طلعت شمس لدى كل شارق
وما هطلت عين على واضح النحر

وما اغْطَوطَشَ الغِرْبيبُ واسْوَدَّ لونهُ
وما مر طول الدهر ذكرك في صدري

وما حَمَلَتْ أُنْثَى وما خَبَّ ذِعْلِبٌ
وما طفح الآذي في لجج البحر

وما زحفت تحت الرحال بركبها
قِلاصٌ تؤمّ البَيْتَ في البَلدِ القفْرِ

فلا تحْسَبي يا ليلَ أني نَسيتُكُمْ
وأنْ لَسْتِ مِنِّي حيثُ كنتِ على ذُكْرِ

أيبكي الحمامُ الوَرْقُ من فَقْدِ إلْفِه
وتَسْلو وما لي عَنْ أليفيَ مِنْ صَبْرِ

فأقسم لا أنساك ما ذر شارق
وما خب آل في معلمة فقر

ألا ليت شعري هل أبيتن ليلة
أُناجيكُمُ حَتَّى أرىَ غُرَّةَ الفجْرِ

لقد حملت أيدي الزمان مطيتي
على مَرْكَبٍ مَسْتَعْطِل النَّاب والظُّفْرِ

قصيدة: هوى صاحبي ريح الشمال إذا جرت

هوى صاحبي ريح الشمال إذا جرت
وأهوى لنفسي أن تهب جنوب

فويلي على العذال ما يتركونني
بِغمِّي، أما في العَاذِلِين لبِيبُ

يقولون لو عزيت قلبك لا رعوى
فَقلْتُ وَهَلْ لِلعَاشقِينَ قُلُوبُ

دعاني الهوى والشوق لمل ترنمت
هَتُوفُ الضُّحَى بَيْنَ الْغُصُونِ طرُوبُ

تُجَاوِبُ وُرْقاً إذْ أصَخْنَ لِصَوْتِهَا
فَكُلٌّ لِكُلٍّ مُسْعِدٌ وَمُجيبُ

فقلت حمام الأيك مالك باكياً
أَفارَقْتَ إلْفاً أَمْ جَفاكَ حَبِيبُ

تذكرني ليلى على بعد دارها
وليلى قتول للرجال خلوب

وقد رابني أن الصبا لا تجيبني
وقد كان يدعوني الصبا فأجيب

سَبَى القلْبَ إلاَّ أنَّ فيهِ تَخلُّداً
غزال بأعلى الماتحين ربيب

فكلم غزال الماتحين فإنه
بِدَائِي وإنْ لَمْ يَشْفِنِي لَطَبِيبُ

فدومي على عهد فلست بزائل
عن العهد منكم ما أقام عسيب

قصيدة: خليلي مرا بي على الأبرق الفرد

خليليّ مُرّا بي على الأبرقِ الفردِ
وَعهدي بِليلى حبّذا ذاك مِن عهدِ

ألا يا صبا نجدٍ متى هِجتِ مِن نجدِ
فقد زادني مسراكِ وجداً على وجدي

أإن هتفت ورقاءُ في رونقِ الضُحى
على فننٍ غضِّ النباتِ مِن الرندِ

بكيتُ كما يبكي الوَليدُ ولم أزل
جليداً وأبديتُ الّذي لم أكُن أُبدي

وَأصبحتُ قد قضّيتُ كُلّ لُبانةٍ
تِهاميّةٍ واِشتاق قلبي إلى نجدِ

إذا وعدت زاد الهوى لِاِنتِظارِها
وَإن بخِلت بِالوَعدِ مِتُّ على الوَعدِ

وَإن قرُبت داراً بكيتُ وإن نأت
كلِفتُ فلا لِلقُربِ أسلو ولا البُعدِ

ففي كُلِّ حُبٍّ لا محالة فرحةٌ
وَحُبُّكِ ما فيهِ سِوى مُحكمِ الجُهدِ

أحِنُّ إلى نجدٍ فيا ليت أنّني
سُقيتُ على سُلوانِهِ مِن هوى نجدِ

ألا حبّذا نجدٌ وطيبُ تُرابِهِ
وَأرواحُهُ إن كان نجدٌ على العهدِ

وَقد زعموا أنّ المُحِبّ إذا دنا
يَملُّ وأنّ النأيَ يشفي مِن الوَجدِ

بِكُلٍّ تداوَينا فلم يُشف ما بِنا
على أنّ قُرب الدارِ خيرٌ مِن البُعدِ

على أنّ قُرب الدارِ ليس بِنافِعٍ
إذا كان من تهواهُ ليس بِذي وُدِّ

قصيدة: ألا ليت ليلى أطفأت حر زفرة

ألا ليت ليلى أطفأت حرّ زفرةٍ
أُعالِجُها لا أستطيعُ لها ردّا

إذا الريحُ مِن نحوِ الحِمى نسمت لنا
وَجدتُ لِمسراها ومنسمِها بردا

على كبِدٍ قد كاد يُبدي بِها الهوى
نُدوباً وبعضُ القومِ يحسبُني جلدا

وَإنّي يمانيُّ الهوى مُنجِدُ النوى
سبيلانِ ألقى مِن خِلافِهِما جهدا

سقى اللهُ نجداً مِن ربيعٍ وصيِّفٍ
وَماذا يُرجّى مِن ربيعٍ سقى نجدا

بلى إنّهُ قد كان لِلعينِ قُرّةً
وَلِلصحبِ والرُكبانِ منزِلةً حمدا

أبى القلبُ أن ينفكّ عن ذِكرِ نِسوَةٍ
رِقاقٍ ولم يُخلفن شوماً ولا نُكدا

إذا رُحن يسحبن الذيول عشيّةً
وَيَقتُلن بِالألحاظِ أنفُسنا عمدا

مشى عيطلاتٌ رُجّحٌ بِحُضورِها
روادِفُ وعثاتٌ ترُدُّ الخُطا ردا

وَتهتزُّ ليلى العامِريّةُ فوقها
وَلاثت بِسِبِّ القزِّ ذا غُدُرٍ جعدا

إذا حرّك المِدري ضفائِرها العُلا
مججن ندى الريحانِ والعنبر الوَردا

قصيدة: لئن كثرت رقاب ليلى فطالما

لَئن كَثُرَتْ رُقَّابُ لَيْلَى فَطالَمَا
لهوت بليلى ما لهن رقيب

وإن حال يأس دون ليلى فربما
أتى اليأس دون الشيء وهو حبيب

وَمَنَّيْتِنِي حَتَّى إذَا مَا رَأيْتِنِي
عَلَى شَرَفٍ لِلنَّاظِرينَ يرِيبُ

صَدَدْتِ وَأشمَتِّ الْعُدَاةَ بِهَجْرِنَا
أثابَكِ فِيمَا تَصْنَعِينَ مُثيِبُ

أُبَعِّدُ عَنْكِ الْنَّفْسَ والنَّفْسُ صَبَّةٌ
بِذكْرِكِ وَالمَمْشَى إليْك قَرِيبُ

مخافة أن تسعى الوشاة مظنة
وأُكْرمكُمْ أنْ يَسْتَريبَ مُريبُ

أما والذي يبلو السرائر كلها
ويعلم ما تبدي به وتغيب

لقد كنت ممن تصطفي النفس حلة
لَهَا دُون خُلاَّنِ الصَّفَاءِ حُجُوبُ

وَإنِّي لأَسْتَحْيِيكِ حَتَّى كَأنما
علي بظهر الغيب منك رقيب

تلجين حتى يذهب اليأس بالهوى
وَحَتَّى تَكادَ النَّفْسُ عَنْكِ تَطِيبُ

سأستعطف الأيام فيك لعلها
بِيَوْمِ سُرُوري في هَوَاك تَؤُوبُ

قصيدة: أحبك يا ليلى محبة عاشق

أُحِبُّكِ يا لَيلى مَحَبَّةَ عاشِقٍ
عَلَيهِ جَميعُ المُصعِباتِ تَهونُ

أُحِبُّكِ حُبّاً لَو تُحِبّينَ مِثلَه
أَصابَكِ مِن وَجدٍ عَلَيَّ جُنونُ

أَلا فَاِرحَمي صَبّاً كَئيباً مُعَذَّباً
حَريقُ الحَشا مُضنى الفُؤادِ حَزينُ

قَتيلٌ مِنَ الأَشواقِ أَمّا نَهارُهُ
فَباكٍ وَأَمّا لَيلُهُ فَأَنينُ

لَهُ عَبرَةٌ تَهمي وَنيرانُ قَلبُهُ
وَأَجفانُهُ تُذري الدُموعَ عُيونُ

فَيالَيتَ أَنَّ المَوتَ يَأتي مُعَجِّلاً
عَلى أَنَّ عِشقِ الغانِياتِ فُتونُ

قصيدة: أرى أهل ليلى أورثوني صبابة

أرى أهل ليلى أورثوني صبابةً
وَمالي سِوى ليلى الغداة طبيبُ

إذا ما رأوني أظهروا لي موَدّةً
وَمِثلُ سُيوفِ الهِندِ حين أغيبُ

فإن يمنعوا عينيّ مِنها فمن لهُم
بِقلبٍ لهُ بين الضُلوعِ وجيبُ

إن كان يا ليلى اِشتياقي إليكُمُ
ضلالاً وفي بُرئي لِأهلِكِ حوبُ

فما تُبتُ مِن ذنبٍ إذا تُبتُ مِنكُمُ
وَما الناسُ إلّا مُخطِئٌ ومُصيبُ

بِنفسي وأهلي من إذا عرضوا لهُ
بِبعضِ الأذى لم يدرِ كيف يُجيبُ

وَلم يعتذِر عُذر البريءِ ولم يزل
بِهِ سكنةٌ حتّى يُقال مُريبُ

فلا النفسُ يُسليها البُعادُ فتنثني
وَلا هيَ عمّا لا تنالُ تطيبُ

وَكم زفرةٍ لي لو على البحرِ أشرقت
لأنشفهُ حرٌّ لها ولهيبُ

وَلو أنّ ما بي بِالحصى فُلِق الحصى
وَبِالريحِ لم يُسمع لهُنّ هُبوبُ

وَألقى مِن الحُبِّ المُبرِّحِ لوعةً
لها بين جِلدي والعِظامِ دبيبُ

قصيدة: إذا نظرت نحوي تكلم طرفها

إذا نظرت نحوي تكلّم طرفُها
وَجاوَبها طرفي ونحنُ سُكوتُ

فواحِدةٌ مِنها تُبشِّرُ بِاللُقا
وَأُخرى لها نفسي تكادُ تموتُ

إذا مُتُّ خوف اليَأسِ أحيانيَ الرجا
فكم مرّةٍ قد مُتُّ ثُمّ حييتُ

وَلو أحدقوا بي الإنسُ والجِنُّ كُلُّهُم
لِكي يمنعوني أن أجيكِ لجيتُ

قصيدة: يميل بي الهوى في أرض ليلى

يَميلُ بِيَ الهَوى في أَرضِ لَيلى
فَأَشكوها غَرامي وَاِلتِهابي

وَأُمطِرُ في التُرابِ سَحابَ جَفني
وَقَلبي في هُمومٍ وَاِكتِئابِ

وَأَشكو لِلدِيارِ عَظيمَ وَجدي
وَدَمعي في اِنهِمالٍ وَاِنسِيابِ

أُكَلِّمُ صورَةً في التُربِ مِنها
كَأَنَّ التُربَ مُستَمِعٌ خِطابي

كَأَنّي عِندَها أَشكو إِلَيها
مُصابي وَالحَديثُ إِلى التُرابِ

فَلا شَخصٌ يَرُدُّ جَوابَ قَولي
وَلا العَتّابُ يَرجِعُ في جَوابي

فَأَرجِعُ خائِباً وَالدَمعُ مِنّي
هَتونٌ مِثلَ تِسكابِ السَحابِ

عَلى أَنّي بِها المَجنونُ حَقّاً
وَقَلبي مِن هَواها في عَذابِ

قصيدة: أتبكي على ليلى ونفسك باعدت

أتبكي على ليلى ونفسُك باعدت
مزارك مِن ليلى وشِعباكُما معا

فما حسنٌ أن تأتيَ الأمر طائِعاً
وَتجزع أن داعي الصبابة أسمعا

قِفا ودِّعا نجداً ومن حلّ بِالحِمى
وَقلّ لِنجدٍ عِندنا أن يوَدّعا

وَلمّا رأيتُ البِشر أعرض دوننا
وَجالت بناتُ الشوقِ يحنُنّ نُزّعا

تلفّتُ نحوَ الحيِّ حتّى وجدتُني
وَجِعتُ مِن الإصغاءِ ليتاً وأُخدعا

بكت عينيَ اليُسرى فلمّا زجرتُها
عنِ الجهلِ بعد الحِلمِ أسبلتا معا

وَأذكُرُ أيّامُ الحِمى ثُمّ أنثني
على كبِدي مِن خِشيَةٍ أن تصدّعا

فليست عشيّاتِ الحِمى بِرواجِعٍ
عليك ولكِن خلِّ عينيك تدمعا

معي كُلُّ غِرٍّ قد عصى عاذِلاتِهِ
بِوَصلِ الغواني مِن لُدُن أن ترعرعا

إذا راح يمشي في الرِداءينِ أسرعت
إليهِ العُيونُ الناظِراتُ التطلُّعا

قصيدة: أيا هجر ليلى قد بلغت بي المدى

أيَا هَجَرْ ليْلى قَدْ بَلغْتَ بِيَ المَدَى
وَزِدْتَ عَلَى ما لَمْ يَكُنْ بَلَغَ الهَجْرُ

عَجِبْتُ لِسْعَي الدَّهْرِ بَيْنِي وَبَيْنَها
فَلَمَّا انْقَضَى مَا بَيْننا سَكَنَ الدَّهْرُ

فَيَا حُبَّها زِدْنِي جَوىً كُلَّ لَيْلَةٍ
ويا سلوة الأيام موعدك الحشر

تكاد يدي تندى إذا ما لمستها
وينبت في أطرافها الورق النضر

وَوَجْهٍ لَهُ دِيبَاجَةٌ قُرشِيَّةٌ
به تكشف البلوى ويستنزل القطر

ويهتز من تحت الثياب قوامها
كَما اهتزَّ غصنُ البانِ والفننُ النَّضْرُ

فيا حبَّذا الأحياءُ ما دمتِ فيهمِ
ويا حبذا الأموات إن ضمك القبر

وإني لتعروني لذكراك نفضة
كمَا انْتَفضَ الْعُصْفُرُ بلَّلَهُ الْقَطْرُ

عسى إن حججنا واعتمرنا وحرمت
زِيارَةُ لَيْلَى أنْ يَكُونَ لَنَا الأَجْرُ

فما هو إلا أن أراه افجاءة
فَأُبْهَتُ لاَ عُرْفٌ لَدَيَّ وَلاَ نكْرُ

فلو أن ما بي بالحصا فلق الحصا
وبالصخرة الصماء لانصدع الصخر

ولو أن ما بي بالوحش لما رعت
وَلاَ سَاغَهَا المَاءُ النَّمِيرُ وَلا الزَّهْرُ

ولو أن ما بي بالبحار لما جرى
بِأمْوَاجِهَا بَحْرٌ إذا زَخَر الْبَحْرُ

إرسال تعليق

أحدث أقدم