البخل في الشعر العربي
البخل من الصفات المذمومة التي تناولها الشعراء في أشعارهم، إذ أن البخل يحرم الإنسان من كرم النفس وعطاء الآخرين، ويمنعه من التمتع بروح الكرم والسخاء التي تزيد من مكانته بين الناس. في الأدب العربي، نجد العديد من الأبيات التي تنتقد البخل وتبين آثاره السلبية. وفي هذه المقالة، نستعرض مجموعة من أجمل الأبيات الشعرية التي تجسد صورة البخيل، وتنتقد تصرفات البخلاء وتُظهرهم في مواقف تثير السخرية بأسلوب شعري بديع.
أبيات شعر عن البخل
قال البحتري:
بلوت أبا أحمدٍ مرّةً
فألفيتُ مِنهُ بخيلاً سخيفا
ولولا الضرورةُ لم آتِهِ
وعِند الضرورةِ آتي الكنيفا
وقال دعبل الخزاعي:
ألا إنّما الإنسانُ غِمدٌ لِقلبِهِ
فلا خير في غِمدٍ إذا لم يكُن نصلُ
ولا خير في وعدٍ إذا كان كاذِباً
ولا خير في قولٍ إذا لم يكُن فِعلُ
فإن تجمعِ الآفاتِ فالبُخلُ شرُّها
وشرٌّ مِن البُخلِ المواعيدُ والمطلُ
وقال الإمام علي:
إذا جادتِ الدُنيا عليك فجُد بِها
على الناسِ طُرّاً إنّها تتقلّبُ
فلا الجودُ يُفنيها إذا هيَ أقبلت
ولا البُخلُ يُبقيها إذا هيَ تذهبُ
وقال جحظة البرمكي:
أنفِق ولا تخش إقلالا فقد قُسِمت
بين العِبادِ مع الآجالِ أرزاقُ
لا ينفعُ البُخلُ مع دُنيا موَلّيَةٍ
ولا يضُرُّ مع الإقبالِ إنفاقُ
وقال صالح عبد القدوس:
لا تحرصن فالحِرصُ ليْس بزائِدٍ
في الرِّزقِ بل يُشقي الحريص ويُتعِبُ
ويَظلُّ ملهوفاً يرومُ تحيُّلاً
والرِّزقُ ليْس بِحيلةٍ يُستجلبُ
كم عاجِزٍ في النّاسِ يُؤتى رِزقهُ
رغداً ويُحرمُ كيِّسٌ ويُخيَّبُ
وقال أحمد شوقي:
ولولا البُخلُ لم يهلِك فريقٌ
على الأقدارِ تلقاهُمُ غِضابا
تعِبتُ بِأهلِهِ لوماً وقبلي
دُعاةُ البِرِّ قد سئِموا الخِطابا
وقال أبو العلاء المعري:
عِش بخيلاً كأهلِ عصرِك هذا
وتباله فإنّ دهرك أبله
إن تُرِد أن تخُصّ حُرّاً مِن الناسِ
بِخيرٍ فخُصّ نفسك قبله
وقال أيضًا:
لا تخبأن لِغدٍ رِزقاً وبعد غدٍ
فكُلُّ يومٍ يوافي رِزقُهُ معهُ
واِذخر جميلاً لِأدنى القوتِ تُدرِكُهُ
ولِلقيامةِ تعرِف ذاك أجمعهُ
وقال أيضًا:
قُرّ البخيلُ فأمسى مِن تحفُّظِهِ
يُلقي على الجِسمِ ديناراً فدينارا
يشكو الشِتاء فيَرجو أن يُدفِّئهُ
أوقِد صِلاءك ليس العسجدُ النارا
وقال النابغة الشيباني:
وليس بِنافِعٍ ذا البُخلِ مالٌ
ولا مُزرٍ بِصاحِبِهِ السخاءُ
وما أخّرت مِن دُنياك نقصٌ
وإن قدّمت كان لك الزكاءُ
وقال ابن خاتمة الأنصاري:
يا من غدا يُنفقُ العُمر الثّميْن بِلا
جدوَى سِوى جمعِ مالٍ خيفة العدمِ
اِرجِع لِنفسِك وانظُر في تخلُّصِها
فقد قذفت بها في لُجّةِ العدمِ
وقال أحد الشعراء:
وهبني جمعت المال ثم خزنته
وحانت وفاتي هل أزاد به عمرا
إذا خزن المال البخيل فإنه
سيورثه غما ويعقبه وزرا
وقال آخر:
أمن خوف فقر تعجلته
وأخرت إنفاق ما تجمع
فصرت الفقير وأنت الغني
فما كان ينفع ما تصنع
اقرأ أيضًا: أجمل ما قيل عن البخل.
بيت شعر عن البخل
قال المتنبي:
وَمن يُنفِقِ الساعاتِ في جمعِ مالِهِ
مخافة فقرٍ فالّذي فعل الفقرُ
وقال أيضًا:
وما كُلٌّ بِمعذورٍ بِبُخلٍ
ولا كُلٌّ على بُخلٍ يُلامُ
وقال أبو العتاهية:
إنّ البخيل وإن أفاد غِنىً
لترى عليهِ مخايِل الفقرِ
وقال أبو تمام:
وَإنّ اِمرأً ضنّت يداهُ على اِمرِئٍ
بِنيلِ يدٍ مِن غيرِهِ لبخيلُ
وقال ابن الزقاق البلنسي:
لا يُحمدُ البُخلُ إن دان الأنامُ به
وحامِدُ البُخلِ مذمومٌ ومدحورٌ
وقال الجاحظ:
سقام الحِرصِ ليس لهُ دواءُ
وداءُ البخلِ ليس لهُ طبيب
وقال علي بن المقرب:
كُلُّ السيادةِ في السخاءِ ولن ترى
ذا البُخلِ يُدعى في العشيرةِ سيِّدا
وقال آخر:
فلا الجودُ يُفنيِ المال والجدُّ مُقبِلٌ
ولا البُخلُ يُبقي المال والجدُّ مُدبِرُ
اقرأ أيضًا: أبيات شعر قصيرة عن القناعة.
شعر عن البخل والكرم
قال البحتري:
إيّاك والبُخل عِند مكرُمةٍ
وإن رأيت الرِجال قد بخِلوا
واِرغب إلى اللهِ لا إلى أحدٍ
فإنّهُ خيرُ واصِلٌ تصِلُ
وقال بشار بن برد:
أمّا البخيلُ فلستُ أعذُلُهُ
كُلُّ اِمرِئٍ يُعطي على قدرِه
أعطى البخيلُ فما اِنتفعتُ بِهِ
وكذاك من يُعطيك مِن كدرِه
أما الكريمُ يحُتُّ نائِلُهُ
كالغيثِ يسقي الناس مِن مطرِه
تبعت عطاياهُ مواهِبهُ
كالسيلِ مُتّبِعاً قفا مطرِه
وقال أحد الشعراء:
ويظهر عيب المرء في الناس
بخله ويستره عنهم جميعا سخاؤه
تغط بأثواب السخاء فإنني
أرى كل عيب فالسخاء غطاؤه
وقال عمرو بن الأهتم:
ذريني فإنّ البُخل يا أُمّ هيثمٍ
لِصالِحِ أخلاقِ الرِجالِ سروقُ
ذريني وحُطّي في هواي فإنّني
على الحسبِ الزاكي الرفيعِ شفيقُ
لعمرُك ما ضاقت بِلادٌ بِأهلِها
ولكِنّ أخلاق الرِجالِ تضيقُ
وقال علي بن أبي طالب:
ما أحسن الجود في الدُنيا وفي الدينِ
وأقبح البُخل فيمن صيغ مِن طينِ
ما أحسن الدين والدُنيا إذا اِجتمعا
لا بارك اللهُ في دُنيا بِلا دينِ
لو كان بِاللُّبِ يزدادُ اللبيبُ غِنىً
لكان كُلُّ لبيبٍ مِثل قارونِ
لكِنّما الرِزقُ بِالميزانِ مِن حكمٍ
يُعطي اللبيب ويُعطي كُلّ مأفونِ
وقال إسحق الموصلي:
وآمرةٍ بالبُخلِ قلتُ لها اقصري
فليس إلى ما تأمرين سَبيلُ
أرى الناسَ خلانَ الكرامِ ولا أرى
بخيلاً له حتى المماتِ خليلُ
وإني رأيت البُخل يُزري بأهلِهِ
فأكرمتُ نفسي أن يُقال بَخيلُ
ومن خير حالاتِ الفَتى لو عَلمتِهِ
إذا نالَ خيراً أن يكونَ يُنيلُ
عطائي عطاء المكثرين تجملا
ومالي كما قد تعلمينَ قليلُ
وقال المقنع الكندي:
إنّي أُحرِّض أهل البُخلِ كُلِّهُم
لو كان ينفعُ أهل البُخلِ تحريضي
ما قلّ ماليَ إلّا زادني كرماً
حتّى يكون برزقِ اللهِ تعويضي
والمالُ يرفعُ من لولا دراهِمُهُ
أمسى يُقلِّب فينا طرف مخفوضِ
لن تُخرِج البيضُ عفواً مِن اكُفِّهُم
إلا على وجعٍ مِنهُم وتمريضِ
كأنّها مِن جُلودِ الباخِلين بِها
عِند النوائِبِ تُحذى بِالمقاريضِ
وقال حاتم الطائي:
فلا الجود يُفني المال قبل فنائه
ولا البخل في مال الشحيح يزيدُ
فلا تعش يوما بعيش مقتر
لكل غد رزق يجيء جديدُ
ألم تر أن الرزق غاد ورائح
وأن الذي أعطاك سوف يعيدُ
اقرأ أيضًا: قصص البخلاء: نوادر وطرائف البخلاء.
شعر عن البخل مضحك
قال الأخطل:
قومٌ إذا استنبحَ الأضيافُ كلبهُمُ
قالوا لأمّهِمِ: بُولي على النّارِ
فتُمْسِكُ البَوْلَ بُخْلاً أنْ تجودَ بهِ
وما تبولُ لهم إلا بمقدارِ
وقال دعبل الخزاعي:
رأيتُ أبا عِمران يبذُلُ عِرضهُ
وخُبزُ أبي عِمران في أحرزِ الحِرزِ
يحِنُّ إلى جاراتِهِ بعد شِبعِهِ
وجاراتُهُ غرثى تحِنُّ إلى الخُبزِ
وقال أيضًا:
أتُقفِلُ مطبخاً لا شيء فيهِ
مِن الدُنيا يُخافُ عليهِ أكلُ
فهذا المطبخُ اِستوثقت مِنهُ
فما بالُ الكنيف عليهِ قُفلُ
ولكِن قد بخِلت بِكُلِّ شيءٍ
فحتّى السلحُ مِنك عليهِ بُخلُ
وقال أيضًا:
قومٌ إذا أكلوا أخفوا كلامهُمُ
واِستوثقوا مِن رِتاجِ البابِ والدارِ
لا يقبِسُ الجارُ مِنهُم فضل نارِهِمُ
ولا تُكفُّ يدٌ عن حُرمةِ الجارِ
وقال عنترة بن شداد:
لا يخرج الزئبق من كفه
ولو ثقبناها بمسمار
يحاسب الديكَ على نقرة
ويطرد الهرَّ من الدار
يكتب في كل رغيف له
حرسك الله من الفار
وقال ابن الرومي:
يُقتّر عيسى على نفسه
وليس بباقٍ ولا خالدِ
فلو يستطيع لتقتيره
تنفّس من منخرٍ واحدِ
وقال إبراهيم بن المهدي:
قد شاب رأسي ورأس الحرص لم يشب
إن الحريص على الدنيا لفي تعب
مالي أراني إذا حاولت منزلة
فنلتها طمحت نفسي إلى رتب؟
قصائد شعر عن البخيل
قصيدة: ذهب الحرص بأصحاب الدلج
الشاعر: أبو العتاهية
ذهب الحِرصُ بِأصحابِ الدُلج
فهُمُ في غمرةٍ ذاتِ لُجج
ليس كُلُّ الخيرِ يأتي عاجِلاً
إنّما الخيرُ حُظوظٌ ودرج
لا يزالُ المرءُ ما عاش لهُ
حاجةٌ في الصدرِ دأباً تعتلِج
رُبّ أمرٍ قد تضايَقت بِهِ
ثُمّ يأتي اللهُ مِنهُ بِالفرج
قصيدة: دع الحرص على الدنيا
الشاعر: علي بن أبي طالب
دعِ الحِرص على الدُنيا
وفي العيشِ فلا تطمع
ولا تجمع مِن المالِ
فلا تدري لِمن تجمع
ولا تدري أفي أرضِك
أم في غيرِها تُصرع
فإنّ الرِزق مقسومٌ
وسوءُ الظنِّ لا ينفع
فقيرٌ كُلُّ من يطمع
غنيٌّ كُلُّ من يقنع
قصيدة: أعاذل ليس البخل مني سجية
الشاعر: علي بن الجهم
أعاذِل ليس البُخلُ مِنّي سجيّةً
ولكِن رأيتُ الفقر شرّ سبيلِ
لموتُ الفتى خيرٌ مِن البُخلِ لِلفتى
وللبُخلُ خيرٌ مِن سُؤالِ بخيلِ
لعمرُك ما شيءٌ لِوَجهِك قيمةٌ
فلا تلق مخلوقاً بِوَجهِ ذليلِ
ولا تسألن من كان يسألُ مرّةً
فللموتُ خيرٌ مِن سُؤالِ سؤولِ
قصيدة: وأقبح ما يكون غني بخيل
الشاعر: ناصيف اليازجي
وأقبحُ ما يكونُ غِنى بخيلٍ
يغصُّ وماؤُهُ مِلءُ الزِّقاقِ
إذا ملكت يداهُ الفلس أمسى
رقيقاً ليس يطمعُ في العتاقِ
ألا يا جامع الأموالِ هلاّ
جمعت لها زماناً لاِفتِراقِ
رأيتُك تطلُبُ الإبحار جهلاً
وأنت تكادُ تغرقُ في السّواقي
إذا أحرزت مال الأرضِ طُرّاً
فما لك فوق عيْشك من تراقِ
أتأكلُ كُلّ يومٍ ألف كبشٍ
وتلبسُ ألف طاقٍ فوق طاقِ
فضولُ المال ذاهبةٌ جُزافاً
كماءٍ صُبّ في كأسٍ دِهاقِ