الكرم هو من أعظم الفضائل التي تميز الإنسان، وقد تغنى الشعراء منذ العصور القديمة بصفات الكرم والجود، حيث اعتبروا أن الكريم هو من يهب بلا مقابل ويعطي دون انتظار للثناء أو الجزاء. الكرم ليس فقط في المال، بل يمتد ليشمل كرم النفس، والوقت، والعلم، والجاه. في الثقافة العربية، يحتل الكرم مكانة عالية، وقد ارتبط بشكل وثيق بالشجاعة والرجولة والمروءة.
في هذا المقال، نستعرض مجموعة من الأبيات الشعرية القصيرة التي تناولت الكرم والكريم، لنعكس من خلالها جمال هذه الفضيلة ونغوص في أعماق التراث الأدبي العربي الذي يعلي من شأن الكرم ويُظهر كيف كان الشعراء يُعبّرون عن احترامهم وتقديرهم لمن يتحلى بهذه الصفة النبيلة.
أبيات شعرية عن الكريم
الكرم صفة نبيلة منذ القدم، وقد مدح الشعراء الكرام وأشادوا بأخلاقهم وصفاتهم. إليك بعض الأبيات الشعرية التي تصف الكريم وتمدحه:
قال البحتري:
والكريمُ النامي لِأصلٍ كريمٍ
حسنٌ في العُيونِ يزدادُ حُسنا
وقال أيضًا:
وَما تخفى المكارِمُ حيثُ كانت
وَلا أهلُ المكارِمِ حيثُ كانوا
وقال أيضًا:
وَأحسنُ مأثُرةٍ لِلكِرامِ
إحسانُها بعد إحسانِها
وَما يتنمّى إلى المكرُماتِ
فيَفزعُها غيرُ فُرسانِها
وقال علي بن أبي طالب:
وَإذا طلبت إلى كريمٍ حاجةً
فِلِقاؤُهُ يكفيك والتسليمُ
وَإذا رآك مُسلِّماً ذكر الّذي
حمّلتهُ فكأنّهُ مُبرومُ
وقال أسامة بن منقذ:
أُنظُر إلى حسن صبرِ الشّمعِ يُظهر
للرائين نوراً وفيه النّارُ تستعِرُ
كذا الكريمُ تراه ضاحِكاً جذِلاً
وقلبُه بدخيل الهِمِّ مُنفطِرُ
وقال دعبل الخزاعي:
وَإنّي لأرثي لِلكريمِ إذا غدا
على مطمعٍ عِند اللئيمِ يُطالِبُه
وَأرثي لهُ في موقِفِ السوءِ عِندهُ
كما قد رثوا لِلطرفِ والعِلجُ راكِبُه
وقال أيضًا:
إنّ الكريم إذا حرّكت نِسبتهُ
سمت بِهِ سامياتُ المجدِ والهِممِ
وقال أبو العلاء المعري:
أدنى الفوارِسِ من يُغيرُ لمغنمِ
فاجعل مُغارك للمكارِم تكرُمِ
وتوَقّ أمر الغانياتِ فإنّهُ
أمرٌ إذا خالفته لم تندمِ
وقال أحمد شوقي:
إنما يقدر الكرام كريم
ويقيم الرجال وزن الرجال
وقال أيضًا:
أرى الكريم بوجدان وعاطفة
ولا أرى لبخل القوم وجدانا
وقال ابن شهيد:
إن الكريم إذا نالته مخمصةٌ
أبدى إلى الناسِ شِبعاً وهوَ طيّانُ
يحني الضلوع على مِثلِ اللظى حُرقاً
والوجه غمرٌ بماءِ البِشرِ ملآنُ
وقال أبو الطيب المتنبي:
إذا أنت أكرمت الكريم ملكته
وإن أنت أكرمت اللئيم تمردا
وقال عمرو ابن الأهتم:
وَكُلُّ كريمٍ يتّقي الذمّ بِالقِرى
وَلِلخيرِ بين الصالِحين طريقُ
لعمرُك ما ضاقت بِلادٌ بِأهلِها
وَلكِنّ أخلاق الرِجالِ تضيقُ
وقال أحمد بن محمد اليماني:
سأبذل مالي كلما جاء طالب
وأجعله وقفا على القرض والفرض
فإما كريما صنت بالجود عرضه
وإما لئيما صنت عن لؤمه عرضي
وقال أبو الفتح البستي:
لا تحرِمنّ كريماً ما استطعت ولا
تقر النّجاح لئيماً طبعُهُ طبعُ
إن الكِرام إذا ما مسّهُم سغبٌ
صالوا صيال لئامِ الناسِ إن شبِعوا
وقال محمد بن حازم الباهلي:
وَإذا الكريمُ أتيتهُ بِخديعةٍ
فرأيتهُ فيما ترومُ يُسارِعُ
فاِعلم بِأنّك لم تُخادِع جاهِلاً
إنّ الكريم بِفِعلِهِ يتخادعُ
وقال ابن أبي حصينة:
وَمتى رأيت يد امرِئٍ ممدودةً
تبغي مواساة الكريمِ فواسِها
خيرُ الأكُفِّ السابِقاتِ بِجودِها
كفٌّ تجودُ عليك في إفلاسِها
وقال عمارة بن عقيل:
إذا أحرجت ذا كرم تخطى
إليك ببعض أخلاق اللئيم
وإن الله ذو حلم ولكن
بقدر الحلم منتصف الحليم
وقال عمارة اليمني:
إن الصنائع في الكرام ودائع
تبقى وإن فني الزمان بأسره
وقال آخر:
هم الكريم كريم الفعل يفعله
وهم سعد بما يلقي إلى المعدة
اقرأ أيضًا: أبيات شعر قصيرة عن البخل والبخلاء.
شعر قصير عن الكرم والكريم
هذه الأبيات تلخص معاني الكرم وخصال الكريم في الثقافة العربية الأصيلة، وتُشيد بأهمية السخاء والجود. إليك بعض الأبيات الشعرية القصيرة التي تتحدث عن الكريم والكرم:
قال البحتري:
أرى المكرُماتِ استُهلِكت في معاشِرٍ
وَبادت كما بادت جديسٌ وجُرهُمُ
أراحوا مطاياهُم فلا الحمدُ يُبتغى
وَلا المجدُ يُستبقى ولا المالُ يُهضمُ
فأُقسِمُ لولا جودُ كفّيك لم يكُن
نوالٌ ولا ذِكرٌ مِن الجودِ يُعلمُ
وقال الحسين بن سهل:
يقولون إني مسرف إذ يرونني
أطوق أعناق الرجال بإحساني
فقلت لهم موتوا لئاما بغيظكم
فإني شريت المجد بالتافه الداني
إذا جئتم يوم الحساب بكنزكم
أجيء بعفو من إلهي وغفران
وقال عبد الصمد المعذل:
إنّ الكريم إذا رآك ظلمته
ذكر الظلامة بعد نوم النّوّمِ
إيّاك من ظلم الكريم فإنّه
مُرٌّ مذاقته كطعم العلقمِ
وجفا الفراش وبات يطلب ثأره
أسفاً وإن أغضى ولم يتكلّمِ
وقال اليأس فرحات:
الكريم الكريم من ضم في
التاريخ أمجاده إلى أحسابه
وإذا الكريم مدحته بقصيدة
قرأ اللئيم الذم في أبياتها
فامدح كرام الناس مغتصبا ودع
زمر للئام تموت في حسراتها
اقرأ أيضًا: شعر عن الخير: أبيات شعر قصيرة عن فعل الخير.
أبيات شعر عن الكرم والجود
إليك بعض الأبيات الشعرية التي تتحدث عن الكرم والجود:
قال علي بن أبي طالب:
ما أحسن الجود في الدُنيا وفي الدينِ
وَأقبح البُخل فيمن صيغ مِن طينِ
ما أحسن الدين والدُنيا إذا اِجتمعا
لا بارك اللهُ في دُنيا بِلا دينِ
وقال أيضًا:
إذا جادتِ الدُنيا عليك فجُد بِها
على الناسِ طُرّاً قبل أن تتفلّتِ
فلا الجودُ يُغنيها إذا هيَ أقبلت
وَلا البُخلُ يُبقيها إذا ما توَلّتِ
وقال المنتصر بن بلال الأنصاري:
الجود مكرمة والبخل مبغضة
لا يستوي البخل عند الله والجود
والفقر فيه شخوص والغنى دعة
والناس في المال مرزوق ومحدود
وقال المتنبي:
إذا الجودُ لم يُرزق خلاصاً مِن الأذى
فلا الحمدُ مكسوباً ولا المالُ باقيا
وَلِلنفسِ أخلاقٌ تدُلُّ على الفتى
أكان سخاءً ما أتى أم تساخيا
وقال أيضًا:
وَمن كُنت بحراً لهُ يا عليُّ
لم يقبلِ الدُرّ إلّا كِبارا
وقال أيضًا:
وَإن بذل الإنسانُ لي جود عابِسٍ
جزيتُ بِجودِ التارِكِ المُتبسِّمِ
وقال المقنع الكندي:
ليس العطاء من الفضول سماحة
حتى تجود وما لديك قليل
وقال ابن خاتمة الأندلسي:
إذا وجدت فجُد للنّاسِ قاطِبةً
فالحالُ تفنى ويَبقى الذِّكرُ أحوالا
لا سيّما ورسولُ اللهِ ضامِنُهُ
أنفِق ولا تخش من ذي العرشِ إقلالا
وقال بشار بن برد:
لمستُ بِكفّي كفّهُ أبتغي الغِنا
وَلم أدرِ أن الجود مِن كفِّهِ يُعدي
فلا أنا مِنهُ ما أفاد ذوو الغِنا
أفدتُ وأعداني فأفنيتُ ما عِندي
وقال صالح بن عبد القدوس:
لا تجِد بِالعطاءِ في غير حقٍّ
ليس في منع غيرِ ذي الحقِّ بخل
إنّما الجودُ أن تجودُ على من
هوَ لِلجودِ مِنك والبذلُ أهل
وقال صريع الغواني:
إذا كُنت ذا نفسٍ جوادٍ ضميرُها
فليس يضيرُ الجود أن كُنت مُعدِما
وقال أيضًا:
الجودُ أخشنُ مسّاً يا بني مطرٍ
مِن أن تبُزّ كُموهُ كفُّ مُستلبِ
ما أعلم الناس أنّ الجود مدفعةٌ
لِلذمِّ لكِنّهُ يأتي على النشبِ
وقال محمد بن عبد الله البغدادي:
إذا أعطى القليل فتى شريف
فإن قليل ما يعطيك زين
وإن تكن العطية من دني
فإن كثير ما يعطيك شين
وقال يزيد بن الحكم:
رأيتُ سخيّ النفسِ يأتيهِ رِزقُهُ
هنيئاً ولا يُعطي على الحِرصِ جاشِعُ
وَكُلُّ حريصٍ لن يُجاوِز رِزقهُ
وَكم مِن موَفّى رِزقهُ وهوَ وادِعُ
وقال جحظة البرمكي:
أنفِق ولا تخش إقلالا فقد قُسِمت
بين العِبادِ مع الآجالِ أرزاقُ
لا ينفعُ البُخلُ مع دُنيا موَلّيَةٍ
وَلا يضُرُّ مع الإقبالِ إنفاقُ
وقال الراضي العباسي:
لا تعذلوا كرمي على الإسراف
ربح المحامد متجر الأشراف
إني من القوم الذين أكفهم
معتادة الإتلاف والإخلاف
وقال أحد الشعراء:
لا تكثري في الجُودِ لائمتي
وإذا بخلتُ فأكثري لومي
كُفِّي فلست بحاملٍ أبدًا
ما عشتُ همَّ غدٍ على يومي
وقال آخر:
يجود علينا الخيرون بمالهم
ونحن بمال الخيرين نجود
وقال آخر:
ليس جود الفتيان من فضل مال
إنما الجود للمقل المواسي
وقال آخر:
حر إذا جئته يوماً لتسأله
أعطاك ما ملكت كفاه واعتذرا
يخفي صنائعه والله يظهرها
إن الجميل إذا أخفيته ظهرا
وقال آخر:
إذا شئت قوما فاجعل الجود بينهم
وبينك تأمن كل ما تتخوف
فإن كشفت عنك الملمات عورة
كفاك لباس الجود ما تنكشف
وقال آخر:
لا تبخلن بدنيا وهي مقبلة
فليس ينقصها التبذير والسرف
فإن تولت فأخرى أن تجود بها
فالشكر منها إذا ما أدبرت خلف
وقال آخر:
إذا ما صنعت الزاد فالتمسي له
أكيلا فإني لست لآكله وحدي
أخا طارقا أو جار بيت فإنني
أخاف ملامات الأحاديث من بعدي
وقال آخر:
ويظهر عيب المرء في الناس بخله
ويستره عنهم جميعاً سخاؤه
تغط بأثواب السخاء فإنني
أرى كل عيب والسخاء غطاؤه
اقرأ أيضًا: قصص البخلاء: نوادر وطرائف البخلاء.
أجمل ما قيل عن الجود: شعر قصير عن الجود
فيما يلي مجموعة من الأبيات الشعرية القصيرة التي تعبّر عن جمال الجود ومكانته العالية في الثقافة العربية:
قال الإمام الشافعي:
إذا لم تجودوا والأُمورُ بِكُم تمضي
وَقد ملكت أيديكُمُ البسط والقبضا
فماذا يُرجّى مِنكُمُ إن عزلتُمُ
وَعضّتكُمُ الدُنيا بِأنيابِها عضّا
وتسترجِعُ الأيّامُ ما وهبتكُمُ
وَمِن عادةِ الأيّامِ تسترجِعُ القرضا
وقال دعبل الخزاعي:
هوَ البحرُ مِن أيِّ النواحي أتيتهُ
فلُجّتُهُ المعروفُ والجودُ ساحِلُه
كريمٌ إذا ما جِئت لِلخيرِ طالِباًّ
حباك بِما تحوي عليهِ أنامِلُه
وَلو لم تكُن في كفِّهِ غيرُ نفسِهِ
لجاد بِها فليَتّقِ الله سائِلُه
وقال بشار بن برد:
يَسقُطُ الطيرُ حيثُ ينتثِرُ الحب
وَتُغشى منازِلُ الكُرماءِ
ليس يُعطيك لِلرجاءِ ولا الخوفِ
وَلكِن يلذُّ طعم العطاءِ
لا ولا أن يُقال شيمتُهُ الجودُ
وَلكِن طبائِعُ الآباءِ
إنّما لذّةُ الجوادِ اِبنِ سلمٍ
في عطاءٍ ومركبٍ لِلِقاءِ
وقال الأخطل:
أعاذلتي اليوم ويحكما مهلا
وكفا الأذى عني ولا تكثرا العذلا
دعاني تجد كفى بما ملكت يدي
سأصبح يوما أترك الجود والبخلا
إذا وضعوا فوق الضريح جنادلا
علي وخلفت المطية والرحلا
فلا أنا مختار إذا ما نزلته
ولا أنا لاق ما ثويت به أهلا
وقال الشيخ عبد الله السابوري:
إن السخاء شيمة كريمة
شريفة أكرم بها من شيمة
فضيلة تنشر في الآفاق
عنك لسان الشكر بانطلاق
لا ستر للعيوب كالسخاء
وعيب ذي اللؤم بلا غطاء
شعر عن الكرم والجود حاتم الطائي
حاتم الطائي، اسم ارتبط بالكرم والجود في الثقافة العربية، وهو رمز للشهامة والسخاء. لقد ترك إرثًا شعريًا غنيًا يعكس هذه الصفات النبيلة. إليك بعض الأبيات الشعرية التي تبرز كرم حاتم الطائي:
قال حاتم الطائي:
وعاذِلةٍ قامت عليَّ تلومُني
كأنِّي إذا أعطيْتُ مالي أضيمُها
أعاذِل إنّ الجود ليْس بِمُهلِكي
ولا يُخلِدُ النّفسِ الشّحيحةِ لوْمُها
وتُذكرُ أخلاقُ الفتى وعِظامهُ
مُغيَّبةٌ في اللّحدِ بالٍ رميمُها
وقال أيضًا:
وَقائِلةٍ أهلكت بِالجودِ مالنا
وَنفسك حتّى ضرّ نفسك جودُها
فقُلتُ دعيني إنّما تِلك عادتي
لِكُلِّ كريمٍ عادةٌ يستعيدُها
وقال أيضًا:
فلا الجود يفني المال قبل فنائه
ولا البخل في مال الشحيح يزيد
فلا تلتمس رزقا بعيش مقتر
لكل غد رزق يعود جديد
ألم تر أن الرزق غاد ورائح
وأن الذي أعطاك سوف يعيد