مجنون مع الناس أم عاقل وحدك
يُحكى أن طاعون الجنون نزل في نهر يسري في مدينة، فصار الناس كلما شرب أحد منهم من النهر يصاب بالجنون، وكان المجانين يجتمعون ويتحدثون بلغة لا يفهمها العقلاء.
واجه الملك الطاعون، وحارب الجنون، حتى إذا ما أتى صباح يوم، استيقظ الملك وإذا بالملكة قد جنت، وصارت الملكة تجتمع مع ثلة من المجانين؛ تشتكي من جنون الملك.
نادى الملك الوزير: يا وزير، الملكة جنت، أين كان الحرس؟
الوزير: قد جن الحرس يا مولاي.
الملك: إذا اطلب الطبيب فورًا.
الوزير: قد جن الطبيب يا مولاي.
الملك: ما هذا؟! من بقي في هذه المدينة لم يجن؟
رد الوزير: للأسف يا مولاي لم يبق سوى أنت وأنا.
الملك: يا الله، أأحكم مدينة من المجانين؟
الوزير: عذرًا يا مولاي، فإن المجانين يدعون أنهم هم العقلاء، وأنه لا يوجد في هذه المدينة مجنون سوى أنت وأنا.
الملك: ما هذا الهراء؟! هم من شرب من النهر، وبالتالي هم من أصابهم الجنون.
الوزير: الحقيقة يا مولاي أنهم يقولون: إنهم شربوا من النهر لكي يتجنبوا الجنون؛ لذا فإننا مجنونان؛ لأننا لم نشرب. ما نحن يا مولاي إلا حبتا رمل الآن؛ فهم الأغلبية، وهم من يملكون الحق والعدل والفضيلة، وهم الآن من يضعون الحد الفاصل بين العقل والجنون.
هنا قال الملك: يا وزير، أغدق علي بكأس من نهر الجنون؛ فإن الجنون أن تظل عاقلًا في دنيا المجانين.