يُروى أن رجلًا من البادية تزوج ابنة عمه، ورُزق منها بتسعة أبناء ذكور. وعندما حملت للمرة العاشرة، أنجبت له فتاة.
وعندما أُخبِر الرجل بميلاد أنثى، غلب عليه الحزن الشديد وشعر بالإهانة، فصرخ قائلاً: ”يا ليلي الأسود.. يا ليلي الأسود!“ ومنذ تلك اللحظة، قاطع زوجته وأصبح ينظر إليها بنظرة سلبية ملؤها التشاؤم والجحود، وكأنها كانت السبب في الأمر أو كأنها هي من اختارت ذلك.
مرّت الأيام والسنوات، وكبر هذا الأب ووهنت قواه. وفي أحد الأيام، فقد بصره وأصبح كفيفًا. ومع مرور الوقت، تزوج أبناؤه وانشغلوا بحياتهم الجديدة، حتى نسوا والدهم الضرير الذي أصبح وحيدًا.
كما أن ابنته تزوجت هي الأخرى، ولكن عندما بلغها خبر ما أصاب والدها، أسرعت إليه على الفور. وعند دخولها، بادرت بغسل جسده وتنظيف خيمته، ثم قامت بإعداد الطعام له بعناية واهتمام.
فشعر براحة لم يعهدها من قبل، وعندما اقتربت منه لتناوله الدواء، أمسك بيدها بلطف وسألها بنبرة امتزجت بالدهشة والامتنان: ”من أنتِ يا بنت الأصول؟“
فقالت، والدموع تنهمر عينيها: ”أنا ليلك الأسود يا أبي!“
فأدرك أنها ابنته، فانفجرت دموعه بغزارة، وهو يرد عليها بندم واعتذار: ”سامحيني يا صغيرتي.. ليت الليالي كلها سود.“
وأنشد يقول:
ليت الليالي كلها سود
دام الهناء بسود الليالي
لو الزمان بعمري يعود
لا أحبها أول وتالي
ما غيرها يبرني ويعود
ينشد عن سوءتي وحالي
وإلا أبد ما عني منشود
لولاها واعزي لحالي
تسعة ﺭﺟﺎﻝٍ كِلهم جحود
تباعدوا عن سؤالي
كن الغلاء والبِر مفقود
كلٍ غدا بدنياه سالي
ما غير ريح المسك والعود
بنتي بكل يومٍ قبالي
ما شفت منها نقص ومنقود
تسوى قدر عشرة رجالُ
يا رب يا مالك يا معبود
تقسم لها الرزق ألحلالي
صرت بسبايب ليلي محسود
أثرى ألهنا بسود الليالي
قصة مؤثرة جداً
ردحذف