لقد برزت على مر العصور مجموعة كبيرة من الأمثال التي تحمل في طياتها معانٍ بليغة، تعكس تراكم الحكمة والتجارب الإنسانية، منها المثل القائل: ”سبق السيف العذل“ وهو من الأمثال التي تضرب في حالة التسرع في إصدار القرارات وتنفيذها دون تفكير مسبق.
كما يُقال هذا المثل لمنع الإطالة في الحديث حول موضوعٍ ما، وللتوقف عن اللوم والعتاب على أمرٍ قد نُفّذ بالفعل ولا يمكن الرجوع عنه. وفي هذه المقالة سنتعرف على قصة المثل القائل ”سبق السيف العذل“.
قصة مقولة: سبق السيف العذل
كان لضبة بن أد ابنان وهما أسعد وسعيد، وفي أحد الليالي تفرقت إبل لضبة وصارت كل مجموعة في طريق، فأسرع ضبة ينادي أبناءه ”أسعد“ و ”سعيد“ حتى حضرا، فقال لهما: اذهبا وراء الإبل وأحضروهم، وبالفعل انطلق كلاً من أسعد وسعيد خلف الإبل وفي الطريق افترقا وضل كل واحد منهما عن الآخر، وبعد وقت طويل رجع أسعد بالإبل بدون سعيد، فكان ضبة إذا أمسى فرأى تحت الليل سوادا قال: (أسعد أم سعيد) فذهب قوله مثلا يضرب في النجاح والخيبة، كما يضرب في العناية بذي الرحم، وفي الاستخبار أيضًا عن الأمرين: الخير والشر، أيهما وقع؟
اقرأ أيضًا: قصة المثل: القشة التي قصمت ظهر البعير.
وظل ضبة يبحث عن ولده ولكنه لم يجده، حزن ضبة فترة على ولده وبعد ذلك عاد لمزاولة حياته مرة أخرى. وفي أحد الأيام اتجه ضبة إلى سوق عكاظ من أجل شراء بعض الأشياء، وفي أثناء تواجده بالسوق رأى رجلاً يُقال له الحارث بن كعب ورأى عليه بُرْدَىْ ابنه سعيد، فعرفهما، فقال له: هل أنت مُخْبِرِي ما هذان البردان اللذان عليك؟ قال الحارث: بلى لقيت غلامًا وهما عليه فسألته إياهما فأبى عليّ فقتلته، وأخذت بُرْدَيه هذين.
فقال ضبة: بسيفك هذا؟ قال: نعم، فقال ضبة: فأعطنيه أنظر إليه فإني أظنه صارمًا، فأعطاه الحارث سيفه، فلما أخذه من يده هزه، وقال: (الحديث ذو شجون)، ثم ضربه به حتى قتله، فتجمع الناس من حوله يلومه ويعاتبوه على سوء صنيعه وقتله للحارث، فقيل له: يا ضبة أفي الشهر الحرام؟ فقال ضبة مقولته الشهيرة: ”سبق السيف العذل“، أي أن السيف قد سبق اللوم والعتاب، والأمر قد تم ولا رجعة فيه.
المراجع
- كتاب أشهر الأمثال العربية، وراء كل مثل قصة وحكاية، وليد ناصيف.
- كتاب الفاخر، المفضل بن سلمة.
- ضبة بن أد.
- سبق السيف العذل.. وثلاثة أمثال والمقصود شخص واحد فمن هو؟.